أما الثانية فمعناها أنك لم تمر برجل إلا حين يكون له مال، أي لم تمر به في وقت لم يكن له مال. فالأولى نعت، وهي صفة عام، أما الثانية فهي حال منتقلة، كما مر في قولنا (ما جاءني طالب مقصر) و (ما جاءني طالب مقصرًا).
ونحوه أن تقول (مررت برجلٍ أخوه منطلق) و (مررت برجل وأخوه منطلق) فمعنى الأولى أنك مررت برجل منطلق الأخ، وانطلاقه قد يكون قبل المرور، وأما الثانية فمعنها أنك مررت به في هذا الوقت.
وتقول (مررت برجل فرسه سابق) و (مررت برجل وفرسه سابق) فالأولى قد يكون فيها السبق قبل المرور، والثانية مررت به في هذا الوقت.
وتقول:(مررت برجل أخوه مقريء) و (مررت برجل وأخوه مقريء) فإن معنى الأولى أنك وصفت الرجل بأن أخاه مقريء، ولا يشترط أنك مررت به في وقت الاقراء، فقد يكون الأخ غير مقريء في وقت المرور، وأما الثانية فإنها تفيد أنك مررت به في حين أن أخاه يقوم بالاقراء فعلا، فالأولى وصف عام والثانية حال.
وتقول ما مررت برجل إلا أخوه مقرئ، أي ما مررت برجل إلا أنه موصوف بأن أخاه مقريء، وتقول: ما مررت برجل إلا وأخوه مقريء، أي ما مررت به إلا في حال الاقراء. فمعنى: قوله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} إننا لم نهلك إلا قرية منذرة ولم يأت بالواو، لأن المعنى عند ذاك يكون أنه لم يهلك قرية، إلا وهذه حالها، أي لم يهلك قرية إلا وقت إندارهم، في حين أنه عند الاهلاك يخرج الرسل والمؤمنون بهم من القري ويتركونها فلا يكونون فيها عند اهلاكها، كما في قوم لوط وغيرهم، فلو قال (ولها منذرون) لكان المعنى أنهم فيها وقت الاهلاك كما أوضحنا، بخلاف آية الحجر فإن الأجل حال وقت الاهلاك حاق عليهم مصاحب لاهلاكهم.