للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمن الاستعلاء الحقيقي قولك: (هو على الجبل) و (حمله على ظهره)، ومن الاستعلاء المجازي قولهم: (عليه دين) كأن الدين علاه وركبه، ولذا تقول العرب: ركبتني ديون " كأنه يحمل ثقل الدين على عنقه أو على ظهره، ومنه على قضاء الصلاة وعليه القصاص لأن الحقوق كأنه راكبة لمن تلزمه" (١).

وتقول: (هو عليهم أمير) لاستعلائة عليهم من جهة الأمر (٢).، فإن أمره أعلى وأنقذ من امرهم.

جاء في (كتاب سيبويه): " أما علي فاستعلاء الشيء تقول: هذا على ظهر الجبل وهي على رأسه .. وتقول عليه مال، وهذا كالمثل كما يثبت الشيء على المكان كذلك يثبت هذا عليه فقد يتسع هذا في الكلام ويجيء كالمثل (٣).

قال تعالى: {الرجال قوامون على النساء} [النساء: ٣٤]، أي يتولون أمرهن، وفيه معنى الاستعلاء، فإن العرب تقول: (قام عليه) بمعنى تولى أمره، وتقول (قام به) بمعنى فعله. قال تعالى: {كونوا قوامين بالقسط} [النساء: ١٣٥]، وتقول (قام له) أي لأجله، قال تعالى: {يأيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقسط} [المائدة: ٨]، وتقول (قام عنه) بمعنى إنصرف عنه، وتقول (قام إليه) بمعنى (قام ذاهبا إليه) ففي (على) معنى الاستعلاء.

وتقول العرب (أنت على ضلال) و (أنت في ضلال) فمعنى (في ضلال) أنه ساقط في الضلال سقوطه في اللجة، أو أن الضلال احتواه احتواء الظرف على ما في داخله، ومعنى (على ضلال) أنه اتخذ الضلال مركبا يقوده إلى كل سوء.

جاء في (تفسير الرازي) في قوله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم} [البقرة: ٥]، " معنى الاستعلاء في قوله (على هدى) بيان لتمكنهم من الهدى واستقرارهم عليه حيث شبهت حالهم بحال من اعتلي الشيء وركبه. ونظيره (فلان على الحق أو على الحق


(١) شرح الرضي ٢/ ٣٧٩، وانظر المقتضب ١/ ٤٦
(٢) شرح ابن يعيش ٨/ ٣٨
(٣) كتاب سيبويه ٢/ ٣١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>