للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو على الباطل) وقد صرحوا به في قوله: جعل الغواية مركبا، وامتطى الجهل " (١).

وتستعمل العرب (على) للأفعال الشاقة المستثقلة، قال ابن جني: " وقد يستعمل (على) في الأفعال الشاقة المستقلة، تقول: قد سرنا عشرا وبقيت علينا ليلتان، وقد حفظت القرآن وبقيت علي منه سورتان .. وإنما اطردت (على) في هذه الأفعال حيث كانت على في الأصل للاستعلاء، والتفرع، فلما كانت هذه الأحوال كلفا ومشاق تخفض الإنسان وتضعه وتعلوه وتتفرعه، حتى يخنع لها ويخضع لها يتسداه، كان ذلك من مواضع (علي)، ألا تراهم يقولون: هذا لك وهذا عليك، فتستعمل الام تؤثره (على) فيما تكرهه" (٢).

قالوا: وقد تأتي لمعانٍ أخرى، منها:

المصحابة كـ (مع) نحو قوله تعالى: {وآتي المال على حبه} [البقرة: ١٧٧]، أي مع حب المال، ونحو (فلان على جلالته يقول كذا) أي معها (٣).

والظاهر أنها للاستعلاء وليست بمعنى (مع) تمامًا، فقوله (على حبه) قد يفيد أنه مستعل على حبه أو أنه يؤتى المال مع إنطواء قلبه على حبه، فحب المال في القلب، والقلب منطو عليه وهي حالة تختلف عن المصاحبة، فانطواء القلب على الشيء أنشد من مصاحبته له.

ونقول (هو ينفق على شحه)، و (هو ينفق مع شحه) والمعنى مختلف، فمعنى (على شحه) قد يفيد أنه مستعل على شحه، أو على معنى أنه ينفق مع إنطواء قلبه على الشح وهو غير المصاحبة.

وأما قولهم (هو على جلالته) فمعناه: أنه يلزمها لزوم الراكب لمركوبه من قولهم: ركبته الديون أي لزمته" (٤).


(١) التفسير الكبير ٢/ ٣٣
(٢) لسان العرب ١٩/ ٣٢١
(٣) المغنى ١/ ١٤٣، شرح الرضي ٢/ ٣٧٩
(٤) شرح الرضي ٢/ ٣٧٩

<<  <  ج: ص:  >  >>