للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغاية وهو غير ابتداء الغاية، تقول: (رأيت محمدًا من داره) فقد جعلته غاية رؤيتك فأنت لم تكن في داره وإنما هو كان في داره فجعلته غاية رؤيتك.

جاء في (كتاب سيبويه): " وتقول: رأيته من ذلك الموضع فجعلته غاية رؤيتك كما جعلته غاية، حيث أردت الابتداء والمنتهى" (١).

وجاء في الأصول لابن السراج: وحقيقة هذه المسألة أنك إذا قلت: رأيت الهلال من موضعي فـ من ذلك، وإذا قلت رأيت الهلال من خلال السحاب فـ من للهلال والهلال غاية لرؤيتك، فكذلك جعل سيبويه من غاية في قولك (رأيته من ذلك الموضع) وهي عنده ابتداء غاية إذا كانت إلى معها مذكورة أو منوية فإذا استغنى الكلام عن (إلى) ولم يكن يقتضيها جعلها غاية ويدل على ذلك قوله: (ما رأيته مذ يومين)، فجعلتها غاية كما قلت (أخذته من ذلك المكان) فجعلته غاية ولم ترد منتهى، أي لم ترد ابتداء له منتهى، أي استغنى الكلام دون ذكر المنتهى، وهذا المعنى أراد، والله أعلم.

وهذه المسألة ونحوها إنما تكون في الأفعال المتعدية، نحو رأيت، وسمعت، وشممت وأخذت، تقول (سمعت من بلادي الرعد من السماء) ورأيت من موضعي البرق من السحاب، وشممت من داري الريحان من الطريق. فـ (من) الأولى للفاعل، ومن الثانية للمفعول، وعلى هذا جميع الباب لا يجوز عندي غيره، إنما جاز هذا لأن للفعول حصة من الفعل كما للفاعل (٢).

التبعيض نحو قوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} [الحج: ١١] وقوله: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} [البقرة: ٢٠٤]، وذهب بعضهم إلى أن كونها للتبعيض راجع إلى ابتداء الغاية (٣).


(١) كتاب سيبويه ٢/ ٣٠٨، وانظر المغنى ١/ ٣٢٢
(٢) الأصول ١/ ٥٠١ - ٥٠٢
(٣) المقتضب ١/ ٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>