{وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم}[آل عمران: ١٢٦].
وقال:{وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبك وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم}[الأنفال: ١٠]. فقدم القلوب على الجار والمجرور في آل عمران فقال:(ولتطمئن قلوبكم به) وأخرها عنه في الانفال، فقال (ولتطمئن به قلوبكم) مع أن الكلام على معركة بدر في الموطنين، غير أن الموقف مختلف.
ففي آل عمران، ذكر معركة بدر تمهيدًا لذكر موقعة أحد، وما أصابهم فيها من قرح وحزن والمقام مقام مسح على القلوب، وطمأنة لها من مثل قوله تعالى:{ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس}[آل عران: ١٣٩ - ١٤٠]، إلى غير ذلك من آيات المواساة والتصبير، فقال في هذا الموطن {وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به}[آل عمران: ١٢٦]، فذكر أن البشرى (لهم) وقدم (قلوبهم) على الأمداد بالملائكة فقال: {إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به} كل ذلك من قبيل المواساة والتبشير والطمأنة، ولما لم يكن المقام في الأنفال كذلك وإنما المقام ذكر موقعة بدر وانتصارهم فيها ودور الأمداد السماوي في هذا النصر، وقد فصل في ذلك أكثر مما ذكر في آل عمران، فقال {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشري ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم، إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين أمنوا سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان}[الأنفال: ٩ - ١٢].