للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حرج من ذلك، بل المقصود أن عليهم أن يرضوا بما يقضي، ولو كان لا يوافق هواهم ورغبتهم، ليس في أنفسهم حرج من ذلك، لا من مجرد أنه يقضي، فيكون مصدر (ما) مخصوصا، وقد يراد بـ (ما قضيت) المقضي به أي اسم موصول.

ونحوه قوله سبحانه: {سبحانه وتعالى عما يصفون} [الأنعام: ١٠٠]، فإنه يصح تأويل (عما يصفون) بـ (عن وصفهم) غير أنا لو أبدلنا (أن) بـ (ما) لوجدنا أن المعنى يختلف، فلو قلت: (سبحانه وتعالى عن أن يصفوا) لكان المعنى تنزيه الله عن مجرد الوصف، وليس هذا المقصود، إذ لا شك أن الله له الصفات العليا، وإنما المقصود تنزيهه عن الوصف الباطل والصفات التي لا تليق به سبحانه، ويحتمل أن تكون (ما) اسمًا موصولا، أي عما يصفونه به من الصفات الباطلة.

ونحوه قوله: {أفتهلكنا بما فعل المبطلون} [الأعراف: ١٧٣]، وهذا يحتمل أن المعنى: أفتهلكنا بفعل المبطلين، ومع ذلك لا يصح إبدال (أن) بـ (ما) فلا تقول: أفتهلكنا بأن فعل المبطلون، فإن الأول فعل مخصوص، وهو الذي يؤدي إلى الإهلاك، وأما الثانية فيكون المعنى أتهلكنا لأن المبطلين فعلوا، ولا ندري ما فعلوا، فالفعل أولا مخصوص معلوم بخلاف مصدر (أن) ويحتمل أن تكون (ما) اسمًا موصولا أيضًا.

ومثله قوله تعالى: {ضاقت عليهم الأرض بما رحبت} [التوبة: ١١٨]، والمعنى برحبتها. ولو قلت: (بأن رحبت) لكان المعنى أنها ضاقت عليهم بكونها رحبة، وهو معنى متناقض غير مراد.

ونحوه قوله تعالى: {لا تؤاخذني بما نسيت} [الكهف: ٧٣]، والمقصود به نسيان مخصوص وهو العهد الذي بينهما، ولو قال (بأن نسيت) لاحتمل المعنى أنه آخذه بمبدأ النسيان أي آخذه لكونه نسي، أي لمجرد حصول النسيان عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>