للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المذكورين بالبيت، لأنهم يطوفون حوله فبدأ بهم، ثم تدرج إلى العاكفين في البيت، أو في بيوت الله عمومًا، ثم الركع السجود الذين يتوجهون إلى هذا البيت في ركوعهم، وسجودهم، وهم في كل الأرض (١).

ونحوه قوله تعالى: {يأيها الذين أمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} [الحج: ٧٧]، فبدأ بالركوع وهو أقل المذكورات، ثم السجود وهو أكثر، ثم عبادة الرب وهو أعم، ثم فعل الخير، ولهذا سببه وذلك أنه لما قال قبل هذه الآية: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور} فبدأ بما هو أقرب إليهم وهو (ما بين أيديهم) ثم بما هو أعم وأكثر، وهو (ما خلفهم) جاء بالكلام على نسق ذلك، فتدرج من الأقل إلى الأكثر، ويمكن أن يقال أيضا، أنه بدأ بما هو من فعل العبد مع نفسه وربه، ثم تدرج إلى ما بينه وبين العباد، فبدأ بالركوع والسجود ثم عبادة الرب عمومًا، ثم فعل الخر متدرجا في ذلك بحسب الكثرة والعموم، والله أعلم.

وقد يكون الكلام بالعكس فيتدرج من الكثرة إلى القلة، وذلك نحو قوله تعالى: {يامريم اقنتى لربك واسجدي واركعي مع الراكعين} [آل عمران: ٤٣]، فتدرج من الكثرة إلى القلة، فبدأ بالقنوت وهو عموم العبادة، ثم السجود وهو أقل وأخص، ثم الركوع، وهو أقل وأخص (٢).

أو لملاحظ أخرى غير ما ذكرناها، كأن يكون السياق يعني بأمر أكثر من آخر، وذلك كتقديم الضرر على النفع، او بالعكس.

جاء في (البرهان): " وحيث تقدم النفع على الضر فلتقدم ما يتضمن النفع (٣).

وكقوله تعالى: {وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة} [البقرة: ٥٨]، وقوله: {وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا} [الأعراف: ١٦١].


(١) انظر بدائع الفوائد: ١/ ٦٥
(٢) بدائع الفوائد ١/ ٨٠
(٣) البرهان: ١/ ١٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>