إلى غير ذلك من موجبات التقديم التي يقتضيها السياق.
فتبين من هذا أن الواو لمطلق الجمع، وليست للترتيب، غير أنه لا ينبغي أن يفهم من قولنا (أنها لمطلق الجمع) أنه يؤتى بها بين المتعاطفين، أو بين الحكمين بلا مناسبة بينهما ولا رابط، بل لابد من رابط بينهما، لا يصح أن تقول: رأيت محمدا وجبلا، ولا رأيت خالدا ونملة، بل لابد من رابط بين المتعاطفين، ولا سيما في الجمل:" والجامع بين الجملتين يجب أن يكون باعتبار المسند إليه في هذه، والمسند إليه في هذه، وباعتبار المسند في هذه، والمسند في هذه جميعا، كقولك يشعر زيد، ويكبت، ويعطي ويمنع، وقولك (زيد شاعر وعمرو كاتب) و (زيد طويل وعمرو قصير) إذا كان بينهما مناسبة كأن يكونا أخوين أو نظيرين بخلاف قولنا (زيد شاعر وعمرو كاتب) إذا لم يكن بينهما مناسبة، وقولنا (زيد شاعر وعمرو طويل) كان بينهما مناسبة أو لا (١).
فلا يصح أن تربط بين مسند إليهما، ليس بينهما علاقة، ولا رابط فلا تقول (محمد شاعر وخالد كاتب) وليس بين محمد وخالد مناسبة البتة، ولا تقول (محمد شاعر وأخوك أحول) لأنه لا مناسبة بين الحكمين.
جاء في (دلائل الإعجاز): " وذلك أن لا تقول (زيد قائم وعمرو قاعد) حتى يكون عمرو بسبب من زيد، وحتى يكونا كالنظيرين، والشريكين، وبحيث إذا عرف السامع حال الأول، عناه أن يعرف حال الثاني، يدلك على ذلك أنك إن جئت فعطفت على الأول شيئا ليس منه بسبب، ولا هو يذكر بذكره، ويتصل حديثه بحديثه، لم يستقم، قلو قلت:(خرجت اليوم من داري) ثم قلت (وأحسن الذي يقول بيت كذا) قلت ما يضحك منه ومن هنا عابوا أبا تمام في قوله:
لا والذي هو عالم أن النوى ... صبر وأن أبا الحسين كريم
وذلك لأنه لا مناسبة بين كرم أبي الحسن ومرارة النوى، ولا تعلق لأحدهما بالآخر، وليس يقتضي الحديث بهذا الحديث بذاك.
واعلم أنه كما يجب أن يكون المحدث عنه في إحدي الجملتين بسبب من المحدث