للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه في الأخرى كذلك ينبغي أن يكون الخبر عن الثاني مما يرجي مجرى الشبيه، والنظير أو النقيض للخبر عن الأول، فلو قلت (زيد طويل القامة، وعمرو شاعر) كان خلفا لأنه مشاكلة ولا تعلق بين طول القامة وبين الشعر، وإنما الواجب أن يقال: (زيد كاتب وعمرو شاعر) و (زيد طويل وعمرو قصير).

وجملة الأمر: أنها لا تجيء حتى يكون المعنى في هذه الجملة لفقا لمعنى في الأخرى، ومضاما له، مثل أن زيدا وعمرا كانا أخوين، أو نظيرين أو مشتبكي الأحوال على الجملة، كانت الحال التي يكون عليها أحدهما من قيام أو قعود أو شاكل ذلك مضمومة في النفس إلى الحال التي عليها الآخر من غير شك وكذا السبيل أبدًا.

والمعاني في ذلك كالأشخاص، فإنما قلت مثلا (العلم حسن والجهل قبيح) لأن كون العلم حسنا مضموم في العقول إلى كون الجهل قبيحًا (١).

ثم إنه قد يؤتى بالواو للدلالة على التأكيد والاهتمام بما بعدها، فقد تزاد الواو للتأكيد وجعل منه قولهم (ما من أحد إلا وله طمع وحسد) و (ما من أحد إلا وله نفس أمارة).جاء في الكليات لأبي البقاء: " قد يزاد بعد إلا لتأكيد الحكم المطلوب إثباته، إذا كان في محل الرد والإنكار نحو (ما من أحد إلا وله طمع وحسد (٢).)

وجاء في الكليات أيضا: وقالوا إذا دخلت على الشرط بعد تقديم الجزاء، يراد به تأكيد الوقوع بالكلام الأول، وتحقيقه كقولهم (أكرم أخاك وإن عاداك) أي أكره بكل حال (٣).

ومر بنا ما ذهب إليه الزمخشري من أنه يؤتى بالواو، لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف وذلك في قوله تعالى: {وما أهلكنا من قرية من قرية إلا ولها كتاب معلوم} [الحجر: ٤]


(١) دلائل الإعجاز ١/ ١٧٢ - ١٧٤
(٢) الكليات ٤١٥
(٣) الكليات ٣٦٧

<<  <  ج: ص:  >  >>