للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم} [الكهف: ٢٢]، فقد ذكر أن فائدة الواو تأكيد لصوق الصفة بالموصوف، والدلالة على أن اتصافه بها أمر ثابت مستقر (١).

وقد ذكرنا في واو الحال أنها قد تأتي للتأكيد والاهتمام، كما ذكرنا ذلك في باب عطف الأخبار والصفات.

جاء في (بدائع الفوائد): " إن الواو تقتضي تحقيق الوصف المتقدم، وتقريره، يكون في الكلام متضمنا لنوع من التأكيد من مزيد التقرير، وبيان ذلك بمثال نذكره مرقاة إلى ما نحن فيه، إذا كان لرجل مثلا أربع صفات، هو عالم وجواد وشجاع، وغني وكان المخاطب لا يعلم ذلك، أو لا يقر به ويعجب من اجتماع هذه الصفات في رجل، فإذا قلت (زيد عالم) وكان ذهنه استبعد ذلك فتقول: (وجواد) أي وهو مع ذلك جواد، فإذا قدرت استبعاده لذلك قلت: (وشجاع) أي وهو مع ذلك شجاع، وغني، فيكون في العطف مزيد تقرير توكيد، لا يحصل بدونه تدرأ توهم الإنكار" (٢).

جاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار} [آل عمران: ١٧]، " الواو المتوسطة بين الصفات للدلالة على كمالهم في كل واحدة منهما" (٣).

وقد يأتي بالواو لقصد الدلالة على المغايرة، وذلك إذا كان طرحها يؤدي إلى أن يكون الثاني مفسرا للأول، وذلك نحو قوله تعالى: {وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم} [البقرة: ٤٩]، فقال (يذبحون) بلا واو.

وقال في سورة إبراهيم: {وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم} [إبراهيم: ٦]، فإن طرح الواو في الآية الأولى دل على أن التذبيح هو سوء العذاب،


(١) الكشاف ٢/ ٢٥٥
(٢) بدائع الفوائد ١/ ١٩١
(٣) الكشاف ١/ ٣١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>