بلدة له مدرسة للعلماء على كل طائفة حتى كأنه مع كل طائفة من أهلها ومع كل نحله في الأصول ممن يعتقدها، وأجرى على العلماء صنوف الأرزاق وعلى الأشراف والمتفقهة والشعراء وأهل الأدب وكثير من القوام، ثم جميع الشيوخ من الطوائف إذا دخل عليه منهم داخل عظمه وإكرامه ونهض لمن يعلم أنه في علمه جليل أو في بيته قديم أو في سنه كبير، تواضعا لله، ورجاء منه جميل الثواب على هذا العقل، فو الله إنه يستحق الدعاء الدائم من جميع أهل الزمان وجميع أهل الأديان، والشكر المخلد، ولهذا الذي قلت وجب على أن أودع ذكره كتاباً، ثم تفكرت فلم أجد كتابا يحتاج إليه القاضي والفقيه العالم والجاهل والصغير والكبير، فالفت هذا الكتاب بعد نظري في كتب الفقهاء ومن ألف في مثله كتابا، وجمعت ما يحتاج إليه وهو بجمع المفترق من الكتب بعبارة سهلة ومعان بينة تصلح للحفظ والتدريس والمذاكرة وأقسمت بالله العظيم، وأخذت عهد الله الكريم على كل من قرأ هذا الكتاب ونسخة أن لا يسقط منه بابا ولا يغير منه نظما ولا يكتب أوله إلا وآخره معه، ولا يكتب من آخره شيئاً إلا وأوله معه، وأن يذكرني ويترحم علي، وأن يسأل الله تعالى أن ينفعني به في الدنيا والآخرة، وأن يدعو لمن صنفته لأجله، وثبته لجزيل نعمه عندي وكثرة أياديه على، وصون وجهي عند البذل لما أجز له على من أنعم الدولة المباركة القاهرة والأيام الزاهرة السامية مضافا إلى ما ولاني من البلاد ورسم اسمي به في العباد من الألقاب وصنوف الأفعال، ويجمع شمل المسلمين به وعلى يديه، ويحفظ أمام العصر (و) السلطان ويؤلف بينهما، ويصلح أمر الرعية بحسن نظرهما، ولولا أن صدر الإسلام نظام الملك قوام الدين امتع الله الخلق ببقائه عاجله الخروج والمسير إلى الجبل فخشيت أن يفوتني إيصال هذا الكتاب إليه فحذفت لذلك ذكر القضاة في كل عصر وما يحكن عن كل واحد من طريف الأحكام والحكايات، وذكرت البعض واسقطت البعض، وما اقتصرت على ذكر