شأنه في ذلك شأن الماوردي وإن لم يلغ شأن الماوردي لإقلاله وإكثار الماوردي فيما صنف من كتب في حقل الفقه العام.
٢ - وقد عقد السمناني في آخر كتابه فصولاً أرخ فيها للقضاة إلى زمانه فدل بذلك على مدى تضلعه في تاريخ الإسلام.
وإلى جانب ذلك فإن مؤلف روضة القضاة كان نسيج وحده كما يظهر من مقدمة كتابه، فإنه لم يقتصر على جمع أقوال من تقدمه من المؤلفين السابقين في هذا الموضوع ولكنه نظر فيما ألفوه نظرة الناقد الفاحص فتكشفت له عيوب تآليفهم من تقصير وتقديم ما لا يحتاج إليه من مقدمات إلى غير ذلك من المآخذ فحاول أن يحترز منها. والواقع أن طريقة هذا المؤلف في الجمع بين أسلوبي النقد والتجميع إن دلت على شيء فإنما تدل على سعة اطلاعه وتوقد ذكائه في تلك الحياة المضطربة التي قاسى آلامها وشدائدها ولم تنصفه في أعز الأشياء عليه وعلى كل إنسان كما سنرى.
(٢) هذا عن الروضة وللسمناني في موضوع القضاء العملي كتاب أشار إليه إسماعيل باشا البغدادى في كتابه هدية العارفين وأسماه "العروة الوثقى في الشروط".
وحدثنا السمناني نفسه عن كتاب له في هذا الفن سماه "كنز العلماء والمتعلمين في علم الشروط" فهل هما كتاب واحد أم كتابان؟
هذا ما لا نستطيع الإجابة عليه جواباً جازماً فلنكتف بالنظر إلى ما ذكره السمناني نفسه عن كنزه حيث قال في روضة القضاة في باب كاتب القاضي:
وقد كنا صنفنا في الشروط كتاباً سميناه كنز العلماء والمتعلمين في علم الشروط على نمط يخالف في التراتيب سائر كتب من تقدم وهو مما لا يستغني عنه عالم ولا متعلم، وفيه من الفقه والتعليل لكل شرط، وذكرت خلاف الناس فيه".