للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَوْلِ جَابِرٍ فِي صِفَةِ حَجِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ» (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَكَانَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَاجِبٌ) لِتَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (اشْتَرَاهُ) وَذَبَحَهُ.

(وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى مَا يُضَحِّي بِهِ) وَكَذَا إنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَدْيٍ.

(ثُمَّ يَحْلِقَ رَأْسَهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيَبْدَأُ بِأَيْمَنِهِ) أَيْ: شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى مِنًى فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: خُذْ وَأَشَارَ إلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْحَلْقِ؛ لِأَنَّهُ نُسُكٌ أَشْبَهَ سَائِرَ الْمَنَاسِكِ (وَيُكَبِّرُ وَقْتَ الْحَلْقِ) كَالرَّمْيِ.

(وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُشَارِطَ الْحَلَّاقَ عَلَى أُجْرَةٍ) قَالَ أَبُو حَكِيمٍ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ (وَإِنْ قَصَّرَ فَمِنْ جَمِيعِ شَعْرِ رَأْسِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ (لَا مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ بِعَيْنِهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِحَلْقِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: ٢٧] وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَقَدْ حَلَقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمِيعَ رَأْسِهِ فَكَانَ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِمُطْلَقِ الْأَمْرِ بِالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ فَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ وَمَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ أَوْ ضَفَّرَهُ أَوْ عَقَصَهُ فَكَغَيْرِهِ (وَالْمَرْأَةُ تُقَصِّرُ مِنْ شَعْرِهَا عَلَى أَيِّ: صِفَةٍ كَانَ مِنْ ضَفْرٍ وَعَقْصٍ وَغَيْرِهِمَا قَدْرَ أُنْمُلَةٍ فَأَقَلُّ مِنْ رُءُوسِ الضَّفَائِرِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّهُ مُثْلَةٌ فِي حَقِّهِنَّ (وَكَذَا عَبْدٌ) يُقَصِّرُ (وَلَا يَحْلِقُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ) .

(وَيُسَنُّ أَخْذُ أَظْفَارِهِ) أَيْ: الْحَاجِّ (وَشَارِبِهِ وَنَحْوِهِ) كَعَانَتِهِ وَإِبِطِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ» وَكَانَ ابْن عُمَرَ يَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ وَأَظْفَارِهِ وَيُسْتَحَبُّ إذَا حَلَقَ أَنْ يَبْلُغَ الْعَظْمَ الَّذِي عِنْدَ مُنْقَطَعِ الصُّدْغِ مِنْ الْوَجْهِ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ لِلْحَالِقِ " أَبْلِغْ الْعَظْمَاتِ، افْصِلْ الرَّأْسَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ مِنْ السُّنَّةِ إذَا حَلَقَ أَنْ يَبْلُغَ الْعَظْمَاتِ " (وَمَنْ عَدِمَ الشَّعْرَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُمِرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ) وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

(ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الطِّيبِ وَغَيْرِهِ إلَّا النِّسَاءَ) نَصَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>