الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى حَالَ الْعُذْرِ فَإِذَا أَدْرَكَهُ الْمَعْذُورُ لَزِمَهُ قَضَاءُ فَرْضِهَا، كَمَا يَلْزَمُ فَرْضُ الثَّانِيَةِ.
وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ لِلْوُجُوبِ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ لِأَنَّهُ إدْرَاكٌ فَاسْتَوَى فِيهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ كَإِدْرَاكِ الْمُسَافِرِ صَلَاةَ الْمُقِيمِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الرَّكْعَةُ فِي الْجُمُعَةِ لِلْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا فَاعْتُبِرَ إدْرَاكُ الرَّكْعَةِ، لِئَلَّا يَفُوتَهُ الشَّرْطُ فِي مُعْظَمِهَا.
[فَصْلٌ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
ِ (وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ فَأَكْثَرَ) مِنْ صَلَاةٍ (لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا) لِحَدِيثِ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّ إذَا ذَكَرَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (مُرَتِّبًا) نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْأَحْزَابِ «صَلَّى الْمَغْرِبَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنِّي صَلَّيْتُ الْعَصْرَ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتَهَا فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَعَادَ الْمَغْرِبَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» .
وَقَدْ رَأَوْهُ قَضَى الصَّلَاتَيْنِ مُرَتِّبًا كَمَا رَأَوْهُ يَقْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَرْكَعُ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ، وَلِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْمَجْمُوعَتَيْنِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ (عَلَى الْفَوْرِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ الذِّكْرِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ (إلَّا إذَا حَضَرَ) مَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ (لِصَلَاةِ عِيدٍ) فَيُؤَخِّرُ الْفَائِتَةَ حَتَّى يَنْصَرِفَ مِنْ مُصَلَّاهُ لِئَلَّا يُقْتَدَى بِهِ (مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا) فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْفَوْرُ، وَيَقْضِيهَا بِحَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ لِحَدِيثِ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وقَوْله تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] .
(وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ) أَيْ: تَأْخِيرُ الْفَائِتَةِ (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَانْتِظَارِ رُفْقَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ لِلصَّلَاةِ) «لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَصْحَابِهِ لَمَّا فَاتَتْهُمْ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَتَحَوَّلُوا مِنْ مَكَانِهِمْ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ فَرَغَ مِنْ الْوُضُوءِ قَبْلَ غَيْرِهِ.
(وَلَا يَصِحُّ نَفْلٌ مُطْلَقٌ) مِمَّنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ (إذَنْ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ فِيهِ تَأْخِيرُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute