الْفَائِتَةِ، لِكَوْنِهِ حَضَرَ لِصَلَاةِ عِيدٍ أَوْ يَتَضَرَّرُ فِي بَدَنِهِ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ أَخَّرَهَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ (لِتَحْرِيمِهِ) أَيْ: النَّفْلِ الْمُطْلَقِ إذَنْ (كَأَوْقَاتِ النَّهْيِ) لِتَعْيِينِ الْوَقْتِ لِلْفَائِتَةِ كَمَا لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ الْحَاضِرُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ النَّفَلُ الْمُقَيَّدُ كَالرَّوَاتِبِ وَالْوِتْرِ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ الْفَرَائِضَ فَلَهَا شَبَهٌ بِهَا (وَإِنْ قَلَّتْ الْفَوَائِتُ قَضَى سُنَنَهَا) الرَّوَاتِبَ (مَعَهَا) لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَاتَتْهُ الْفَجْرُ صَلَّى سُنَّتَهَا قَبْلَهَا» .
(وَإِنْ كَثُرَتْ) الْفَوَائِتُ (فَالْأَوْلَى تَرْكُهَا) أَيْ: السُّنَنِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَضَى الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صَلَّى بَيْنَهَا سُنَّةً، وَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَهَمُّ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَوْلَى، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (إلَّا سُنَّةَ فَجْرٍ) فَيَقْضِيهَا وَلَوْ كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ، لِتَأَكُّدِهَا وَحَثِّ الشَّارِعِ عَلَيْهَا.
(وَيُخَيَّرُ فِي الْوِتْرِ) إذَا فَاتَ مَعَ الْفَرْضِ وَكَثُرَ، وَإِلَّا قَضَاهُ اسْتِحْبَابًا (وَلَا تَسْقُطُ الْفَائِتَةُ بِحَجٍّ وَلَا تَضْعِيفِ صَلَاةٍ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) : الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فَإِذَا صَلَّى فِي أَحَدِ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ لَمْ تَسْقُطْ بِالْمُضَاعَفَةِ (وَلَا) تَسْقُطُ بِ (غَيْرِ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ، سِوَى قَضَائِهَا لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَالْجُمْلَةُ مُعَرَّفَةُ الطَّرَفَيْنِ فَتُفِيدُ الْحَصْرَ.
(فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْحَاضِرَةِ، أَوْ) خَشِيَ (خُرُوجَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ؛ سَقَطَ وُجُوبُهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَوْرِ وَالتَّرْتِيبِ (فَيُصَلِّي الْحَاضِرَةَ إذَا بَقِيَ فِي الْوَقْتِ قَدْرُ فِعْلِهَا، ثُمَّ يَقْضِي) الْفَائِتَةَ، لِأَنَّ الْحَاضِرَةَ آكَدُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا، بِخِلَافِ الْفَائِتَةِ وَلِئَلَّا تَصِيرَ الْحَاضِرَةُ فَائِتَةً (وَتَصِحُّ الْبُدَاءَةُ بِغَيْرِ الْحَاضِرَةِ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ) وَيَأْثَمُ وَ (لَا) تَصِحُّ (نَافِلَةٌ وَلَوْ رَاتِبَةً) مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ (فَلَا تَنْعَقِدُ) لِتَحْرِيمِهَا كَوَقْتِ النَّهْيِ، لِتَعَيُّنِ الْوَقْتِ لِلْفَرْضِ وَهَكَذَا إذَا.
اسْتَيْقَظَ، وَشَكَّ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ بَدَأَ بِالْفَرِيضَةِ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَقْتِ.
(وَإِنْ نَسِيَ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ حَالَ قَضَائِهَا) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ ظُهْرٌ وَعَصْرٌ مَثَلًا، فَنَسِيَ الظُّهْرَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْعَصْرِ (أَوْ) نَسِيَ التَّرْتِيبَ (بَيْنَ حَاضِرَةٍ وَفَائِتَةٍ حَتَّى فَرَغَ) مِنْ الْحَاضِرَةِ (سَقَطَ وُجُوبُهُ) أَيْ: التَّرْتِيبِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عُفِيَ لِأُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
وَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ إعَادَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْمَغْرِبِ عَامَ الْأَحْزَابِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فِي أَثْنَائِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ سَأَلَ عَقِبَ سَلَامِهِ، كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْفَاءُ، وَجَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ (وَلَا يَسْقُطُ) التَّرْتِيبُ (بِجَهْلِ وُجُوبِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّعَلُّمِ فَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ لِتَقْصِيرٍ، بِخِلَافِ النِّسْيَانِ (فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ الْفَجْرَ جَاهِلًا) وُجُوبَ التَّرْتِيبِ (ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا، صَحَّتْ عَصْرُهُ) مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ ظُهْرِهِ (لِاعْتِقَادِهِ) حَالَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute