للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَازِمًا (وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ) ذَلِكَ (فَقَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ) فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الرَّاهِنِ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَبْضُهُ بِحَقٍّ.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ) فِي الْقَبْضِ (فَقَالَ الرَّاهِنُ: أَخَذْته) أَيْ: الرَّهْنَ (بِغَيْرِ إذْنِي) فَلَمْ يَلْزَمْ (فَقَالَ) الْمُرْتَهِنُ: (بَلْ) أَخَذْته (بِإِذْنِك وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَقَوْلُ الرَّاهِنِ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ (جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَإِنْ قَالَ) الرَّاهِنُ: (أَذِنْت لَك) فِي قَبْضِهِ (ثُمَّ رَجَعْت قَبْلَ الْقَبْضِ فَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ) رُجُوعَهُ (فَقَوْلُهُ) أَيْ: الْمُرْتَهِنِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ.

وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: قَبَضْته ثُمَّ غَصَبْتنِيهِ فَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.

(وَلَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ زَالَ لُزُومُهُ) ؛ لِأَنَّ تَخْمِيرَهُ بِمَنْزِلَةِ إخْرَاجِهِ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لِمُسْلِمٍ عَلَى خَمْرٍ (وَوَجَبَتْ إرَاقَتُهُ) حِينَئِذٍ كَسَائِرِ الْخَمْرِ (فَإِنْ أُرِيقَ) مَا تَخَمَّرَ مِنْ الْعَصِيرِ (بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ) ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ فِي يَدِهِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ عَادَ) مَا تَخَمَّرَ مِنْ الْعَصِيرِ (خَلًّا) قَبْلَ إرَاقَتِهِ (عَادَ لُزُومُهُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ السَّابِقِ) كَمَا لَوْ زَالَتْ يَدُ الْمُرْتَهِنِ عَنْهُ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ فَلَوْ اسْتَحَالَ خَمْرًا قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ وَلَمْ يَعُدْ بِعَوْدِهِ خَلًّا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ ضَعِيفٌ لِعَدَمِ الْقَبْضِ أَشْبَهَ إسْلَامَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ.

(وَإِنْ أَجَرَهُ) أَيْ: أَجَّرَ الرَّاهِنُ (أَوْ أَعَارَهُ لِمُرْتَهِنٍ أَوْ) أَجَرَهُ أَوْ أَعَارَهُ لِ (غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ مُرْتَهِنٍ (بِإِذْنِهِ) أَيْ: إذْنِ مُرْتَهِنٍ (فَلُزُومُهُ) أَيْ: الرَّهْنِ (بَاقٍ) ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ فَلَمْ يَفْسُدْ الْقَبْضُ (لَكِنَّهُ يَصِيرُ) الرَّهْنُ (فِي الْعَارِيَّةِ مَضْمُونًا) عَلَى الْمُسْتَعِيرِ مِنْ مُرْتَهِنٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ كَمَا يَأْتِي.

[فَصْلٌ تَصَرُّفُ رَاهِنٍ فِي رَهْنٍ لَازِمٍ]

فَصْلٌ (وَتَصَرُّفُ رَاهِنٍ فِي رَهْنٍ لَازِمٍ) أَيْ: مَقْبُوضٍ (بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنٍ بِمَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ عَقْدِهِ، كَهِبَةٍ وَوَقْفٍ وَبَيْعٍ وَرَهْنٍ وَنَحْوِهِ) كَجَعْلِهِ عِوَضًا فِي صَدَاقٍ أَوْ طَلَاقٍ (لَا يَصِحُّ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ يُبْطِلُ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ مِنْ الْوَثِيقَةِ، وَلَيْسَ بِمَبْنِيٍّ عَلَى السِّرَايَةِ وَالتَّغْلِيبِ، فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ كَفَسْخِ الرَّهْنِ (إلَّا الْعِتْقَ مَعَ تَحْرِيمِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ مِنْ الْوَثِيقَةِ (فَإِنَّهُ يَنْفُذُ) ؛ لِأَنَّهُ إعْتَاقٌ مِنْ مَالِكٍ تَامِّ الْمِلْكِ فَنَفَذَ كَعِتْقِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ وَلِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى السِّرَايَةِ وَالتَّغْلِيبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَنْفُذُ

<<  <  ج: ص:  >  >>