للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَظُنُّ أَنِّي رَأَيْتُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِثْلَ فِعْلِ شَيْخِنَا وَإِلَّا فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَرْسَلَ إلَى مَنْ صَرَعَهُ فَفَارَقَهُ، وَأَنَّهُ عَاوَدَ بَعْدَ مَوْتِ أَحْمَدَ فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ بِنَعْلِ أَحْمَدَ وَقَالَ لَهُ: فَلَمْ يُفَارِقْهُ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْمَرُّوذِيَّ ضَرَبَهُ فَامْتِنَاعُهُ لَا يَدُلَّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ.

[فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ]

(فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ) (الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ الْأَجْوَدُ قِرَاءَةً الْأَفْقَهُ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَأَحَقُّهُ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (ثُمَّ الْأَجْوَدُ قِرَاءَةً الْفَقِيهُ، ثُمَّ الْأَقْرَأُ) جَوْدَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا لَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا تَقْدِيمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ حَيْثُ قَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَانَ أَقْرَأَ مِنْهُ وَأَحْفَظَ كَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَأَجَابَ أَحْمَدُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَى مَنْ هُوَ أَقْرَأُ لِتَفْهَمَ الصَّحَابَةُ مِنْ تَقْدِيمِهِ فِي الْإِمَامَةِ الصُّغْرَى اسْتِحْقَاقَهُ لِلْإِمَامَةِ الْكُبْرَى وَتَقْدِيمَهُ فِيهَا عَلَى غَيْرِهِ وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَمَّا اسْتَخْلَفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ صَحَّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْرَؤُهُمْ وَأَعْلَمُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَتَعَلَّمُونَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَعَانِيهِ وَمَا يُرَادُ بِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إذَا عَلِمَ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يَتَجَاوَزْهُنَّ حَتَّى يَعْلَمَ مَعَانِيَهُنَّ وَالْعَمَلَ بِهِنَّ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْأَجْوَدَ قِرَاءَةً عَلَى الْأَكْثَرِ قُرْآنًا؛ لِأَنَّ الْمُجَوِّدَ لِقِرَاءَتِهِ أَعْظَمُ أَجْرًا، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَعْرَبَهُ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمَنْ قَرَأَهُ وَلَحَنَ فِيهِ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ حَسَنَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ إعْرَابُ الْقُرْآنْ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ حِفْظِ بَعْضِ حُرُوفِهِ.

(ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فِي الْجَوْدَةِ وَعَدَمِهَا فَالْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ (الْأَكْثَرُ قُرْآنًا الْأَفْقَهُ، ثُمَّ الْأَكْثَرُ قُرْآنًا الْفَقِيهُ، ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا

<<  <  ج: ص:  >  >>