وَاسْتُلْحِقَ بِهِ، وَلِأَنَّهُ حَكَمٌ فَقُبِلَ الْوَاحِدُ فِيهِ كَالْحَاكِمِ (وَهُوَ كَحَاكِمٍ فَيَكْفِي مُجَرَّدُ خَبَرِهِ) لِقِصَّةِ مُجَزِّزٍ.
" تَنْبِيهٌ " قَوْلُهُ " مُجَرَّبًا فِي الْإِصَابَةِ " أَيْ كَثِيرَ الْإِصَابَةِ فَمَنْ عَرَفَ مَوْلُودًا بَيْنَ نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ ثُمَّ وَهِيَ فِيهِنَّ فَأَصَابَ كُلَّ مُرَّةٍ فَقَائِفٌ وَقَالَ الْقَاضِي يُتْرَكُ الصَّبِيَّ بَيْنَ عَشْرَةِ رِجَالٍ غَيْرَ مُدَّعِيهِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمْ سَقَطَ قَوْلُهُ وَإِنَّ نَفَاهُ عَنْهُمْ تُرِك مَعَ عِشْرِينَ مِنْهُمْ مُدَّعِيهِ فَإِنَّ أَلْحَقَهُ بِهِ عُلِمَتْ إصَابَتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذِهِ التَّجْرِبَةُ عِنْدَ عَرْضِهِ عَلَى الْقَائِفِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي مَعْرِفَةِ إصَابَتِهِ وَلَوْ لَمْ تُجَرِّبُهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالْإِصَابَةِ وَصِحَّةِ الْمَعْرِفَةِ فِي مَرَّاتٍ كَثِيرَةٍ جَازَ وَقَضِيَّةُ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي وَلَدِ الشَّرِيفِ مِنْ جَارِيَةٍ شَاهِدَةٍ بِذَلِكَ.
[كِتَابُ الْوَقْفِ]
(كِتَابُ الْوَقْفِ وَهُوَ) مَصْدَرُ وَقَفَ بِمَعْنَى حَبَسَ وَأَحْبَسَ وَسَبَلَ قَالَ الْحَارِثِيُّ وَأَوْقَفَ لُغَةٌ لِبَنِي تَمِيمٍ، وَهُوَ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ يَحْبِسْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّمَا حَبَسَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَالْأَصْلُ فِيهِ: مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ «أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْتُ مَالًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ قَطُّ مَالًا أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي فِيهِ قَالَ إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ فِي الْفُقَرَاءِ وَذَوِي الْقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ - وَفِي لَفْظٍ - غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ جَابِرٌ " لَمْ يَكُنْ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذُو مَقْدِرَةٍ إلَّا وَقَفَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي تَحْبِيسِ الْقَنَاطِرِ وَالْمَسَاجِدِ وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَالْوَقْفُ (تَحْبِيسُ مَالِكٍ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ (مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الرَّشِيدُ (مَالَهُ الْمُنْتَفَعَ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ بِقَطْعِ تَصَرُّفِ الْوَاقِفِ وَغَيْرِهِ فِي رَقَبَتِهِ) أَيْ الْمَالِ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: مَعْنَى تَحْبِيسِ الْأَصْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute