للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُضْطَرَّ) الصَّغِيرُ (إلَيْهَا أَوْ يُخْشَى عَلَيْهِ) بِأَنْ لَا يُوجَدَ مُرْضِعَةٌ سِوَاهَا أَوْ لَا يَقْبَلُ الصَّغِيرُ الْإِرْضَاعَ مِنْ غَيْرِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ لِأَنَّهُ حَالُ ضَرُورَةٍ وَحِفْظُ النَّفْسِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ غَيْرُهَا (وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْقِيَهُ اللَّبَنَ) لِتَضَرُّرِهِ بِعَدَمِهِ بَلْ يُقَالُ لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ.

(وَلِلزَّوْجِ مَنْعُ امْرَأَتِهِ مِنْ إرْضَاعِ وَلَدِ غَيْرِهَا وَمِنْ إرْضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ) لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ يَقْضِي تَمْلِيكَ الزَّوْجِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ فِي كُلِّ الزَّمَانِ سِوَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، فَالرَّضَاعُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَكَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ كَالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ (إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهَا بِأَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ غَيْرُهَا أَوْ لَا يَقْبَلُ الْإِرْضَاعَ مِنْ غَيْرِهَا فَيَجِب التَّمْكِين مِنْ إرْضَاعِهِ) لِأَنَّهُ حَالُ ضَرُورَةٍ وَحِفْظٍ فَقُدِّمَ عَلَى حَقّ الزَّوْجِ كَتَقْدِيمِ الْمُضْطَرِّ عَلَى الْمَالِكِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ مِثْلُ ضَرُورَتِهِ (أَوْ تَكُونُ) الْمَرْأَةُ (قَدْ شَرَطَتْهُ) أَيْ الرَّضَاعَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ (نَصًّا) لِحَدِيثِ: «الْمُؤْمِنُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» .

(وَإِنْ أَجَّرَتْ) الْمَرْأَةُ (نَفْسَهَا لِلرَّضَاعِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ لَمْ يَمْلِكْ الزَّوْجُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ وَلَا مَنْعَهَا مِنْ الرَّضَاعِ حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ، لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُلِكَتْ بِعَقْدٍ سَابِقٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مُسْتَأْجَرَةً وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي عِشْرَة النِّسَاء) فَإِنْ نَامَ الصَّبِيُّ أَوْ اشْتَغَلَ فَلِلزَّوْجِ الِاسْتِمْتَاعُ وَإِنْ أَجَّرَتْ الْمُزَوَّجَةُ نَفْسَهَا لِلرَّضَاعِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا صَحَّ وَلَزِمَ الْعَقْدُ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ، لِتَضَمُّنِهِ تَفْوِيتَ حَقِّ زَوْجِهَا وَتَقَدَّمَ.

[فَصْلٌ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ]

(فَصْلٌ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ قَدْر كِفَايَتِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَلَوْ) كَانَ رَقِيقُهُ (آبِقًا أَوْ نَشَزَتْ الْأَمَةُ أَوْ عَمِيَ أَوْ زَمِنَ أَوْ مَرِضَ أَوْ انْقَطَعَ كَسْبُهُ) وَتَكُونُ النَّفَقَةُ (مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَأُدْمِ مِثْلِهِ وَ) يَلْزَمُهُ (كُسْوَتُهُمْ مِنْ غَالِبِ الْكِسْوَةِ لِأَمْثَالِ الْعَبِيدِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ بِهِ وَ) يَلْزَمُهُ (غِطَاءٌ وَوِطَاءٌ وَمَسْكَنٌ وَمَاعُونٌ) لِرَقِيقِهِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ لَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ، لِأَنَّهُ أَخَصُّ النَّاسِ بِهِ فَوَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ بِالْمِلْكِ فَلِذَلِكَ وَجَبَتْ لِلْآبِقِ وَالنَّاشِزِ وَالزَّمِنِ وَغَيْرِهِمْ (وَإِنْ مَاتُوا فَعَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>