مِنْ الضَّامِنِ (وَأَنْكَرَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ لَمْ يُسْمَعْ إنْكَارُهُ) ؛ لِأَنَّ مَا فِي ذِمَّتِهِ حَقُّ الْمَضْمُونِ لَهُ فَإِذَا اعْتَرَفَ بِالْقَبْضِ مِنْ الضَّامِنِ فَقَدْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ الْحَقَّ الَّذِي لَهُ صَارَ لِلضَّامِنِ (فَيَجِبُ أَنْ يُقْبَلَ إقْرَارُهُ لِكَوْنِهِ إقْرَارًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ) .
وَإِنْ قَضَى (الضَّامِنُ الدَّيْنَ) الْمُؤَجَّلَ قَبْلَ أَجَلِهِ (لَمْ يَرْجِعْ) عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ (حَتَّى يَحُلَّ) أَجَلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ لِلْغَرِيمِ وَلِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالتَّعْجِيلِ فَلَمْ يَرْجِعْ قَبْلَ الْأَجَلِ، كَمَا لَوْ قَضَاهُ أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ.
(وَإِنْ مَاتَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ أَوْ الضَّامِنُ لَمْ يَحُلَّ الدَّيْنُ) ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَبْطُلْ بِمَوْتِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (وَإِنْ مَاتَا) أَيْ: الضَّامِنُ وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ (فَكَذَلِكَ) أَيْ: لَمْ يَحُلَّ الدَّيْنُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ وَثَّقَ الْوَرَثَةُ) بِرَهْنٍ يُحْرَزُ، أَوْ كَفِيلٍ مَلِيءٍ بِأَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ التَّرِكَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُوَثِّقْ الْوَرَثَةُ حَلَّ الدَّيْنُ لِمَا يَأْتِي فِي الْحَجْرِ.
(وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِ مُؤَجَّلًا) نَصَّ عَلَيْهِ لِحَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا؛ وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ مُؤَجَّلًا بِعَقْدٍ فَكَانَ مُؤَجَّلًا كَالْبَيْعِ لَا يُقَالُ: الْحَالُ لَا يَتَأَجَّلُ وَكَيْفَ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتَيْهِمَا مُخْتَلَفًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَتَأَجَّلُ فِي ابْتِدَاءِ ثُبُوتِهِ بِعَقْدٍ وَهُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا عَلَيْهِ حَالًا وَيَجُوزُ تَخَالُفُ مَا فِي الذِّمَّتَيْنِ.
(فَلِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي الْحَالِ دُونَ الضَّامِنِ) فَلَا يُطَالِبُهُ حَتَّى يَحُلَّ الْأَجَلُ.
(وَإِنْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ حَالًا صَحَّ) الضَّمَانُ وَلَمْ يَصِرْ حَالًا (وَلَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ: الضَّامِنَ (قَبْلَ أَجَلِهِ) ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ فَرْعُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتُهُ دُونَ أَصْلِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا: أَنَّ الْحَالَ ثَابِتٌ مُسْتَحِقٌّ الْقَضَاءَ فِي جَمِيعِ الزَّمَانِ فَإِذَا ضَمِنَهُ مُؤَجَّلًا فَقَدْ الْتَزَمَ بَعْضَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَصَحَّ، كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةً فَضَمِنَ خَمْسَةً وَأَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَلَا يُسْتَحَقُّ قَضَاؤُهُ إلَّا عِنْدَ أَجَلِهِ فَإِذَا ضَمِنَهُ حَالًا الْتَزَمَ مَا لَمْ يَجِبْ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةً فَضَمِنَ عِشْرِينَ.
[فَصْلٌ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ]
ٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [يوسف: ٦٦] وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى الِاسْتِيثَاقِ بِضَمَانِ الْمَالِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute