للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَدَنِ وَضَمَانُ الْمَالِ يَمْتَنِعُ مِنْهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَلَوْ لَمْ تَجُزْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ لَأَدَّى إلَى الْحَرَجِ، وَعَدَمِ الْمُعَامَلَاتِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا وَهِيَ (الْتِزَامُ رَشِيدٍ) وَلَوْ مُفْلِسًا (بِرِضَاهُ إحْضَارَ مَكْفُولٍ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي الْكَفَالَةِ وَاقِعٌ عَلَى بَدَنِ الْمَكْفُولِ بِهِ، فَكَانَ إحْضَارُهُ هُوَ الْمُلْتَزَمُ بِهِ كَالضَّمَانِ، وَقَوْلُهُ: (تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ مَالِيٍّ) لِمَكْفُولٍ بِهِ وَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ وَقَوْلُهُ: (إلَى مَكْفُولٍ لَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِإِحْضَارِ وَلَوْ قَالَ: إحْضَارُ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ مَالِيٌّ إلَى رَبِّهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا دَوْرَ فِيهِ (حَاضِرًا كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ أَوْ غَائِبًا) .

وَتَصِحُّ إنْ كَفَلَ (بِإِذْنِهِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ) كَالضَّمَانِ (وَلَوْ) كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ (صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَلْزَمُ إحْضَارُهُمَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ: (وَيَصِحُّ إحْضَارُهُمَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا بِالْإِتْلَافِ) أَيْ: إتْلَافِ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ؛ لِأَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ الْجِنَايَةَ وَإِتْلَافَ مَا لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِمَا.

(وَتَنْعَقِدُ) الْكَفَالَةُ (بِأَلْفَاظِ الضَّمَانِ) السَّابِقَةِ (كُلِّهَا) نَحْوَ: أَنَا ضَمِينٌ بِبَدَنِهِ، أَوْ زَعِيمٌ بِهِ.

(وَإِنْ ضَمِنَ) الضَّامِنُ (مَعْرِفَتَهُ) أَيْ: مَعْرِفَةَ إنْسَانٍ بِأَنْ جَاءَ إنْسَانٌ إلَى آخَرَ يَسْتَدِينُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ: أَنَا لَا أَعْرِفُك لَا أُعْطِيك فَضَمِنَ لَهُ إنْسَانٌ مَعْرِفَتَهُ، فَدَايَنَهُ ثُمَّ غَابَ الْمُسْتَدِينُ أَوْ تَوَارَى (أُخِذَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، أَيْ: ضَامِنُ الْمَعْرِفَةِ (بِهِ) أَيْ: بِالْمُسْتَدِينِ قَالَ أَحْمَدُ: فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِيمَنْ ضَمِنَ لِرَجُلٍ مَعْرِفَةَ رَجُلٍ أُخِذَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ضَمِنَ.

(وَ) قَالَ الشَّيْخُ التَّقِيُّ: فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ ضَمَانُ الْمَعْرِفَةِ (مَعْنَاهُ: إنِّي أُعَرِّفُك مَنْ هُوَ وَأَيْنَ هُوَ؟) وَقَالَ ابْنِ عَقِيلٍ: فِي الْفُصُولِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ لِنَصِّ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ: وَهَذَا يُعْطَى أَنَّ أَحْمَدَ جَعَلَ ضَمَانَ الْمَعْرِفَةِ تَوْثِقَةً لِمَنْ لَهُ الْمَالُ ف (كَأَنَّهُ قَالَ: ضَمِنْت لَك حُضُورَهُ) مَتَى أَرَدْتَ لِأَنَّك أَنْتَ لَا تَعْرِفُهُ، وَلَا يُمْكِنُك إحْضَارُ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ فَأَنَا أَعْرِفُهُ فَأُحْضِرُهُ لَك مَتَى أَرَدْت فَصَارَ كَقَوْلِهِ: تَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ انْتَهَى فَيُطَالَبُ ضَامِنُ الْمَعْرِفَةِ بِإِحْضَارِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ مَعَ حَيَاتِهِ لَزِمَهُ مَا عَلَيْهِ لِمَنْ ضَمِنَ مَعْرِفَتَهُ لَهُ.

وَقَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُ) مَنْ هُوَ وَأَيْنَ هُوَ؟ (ضَمِنَ) مَا عَلَيْهِ (وَإِنْ عَرَّفَهُ) ذَلِكَ (فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْضِرَ) هَذَا تَتِمَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ التَّقِيِّ مُفَرَّعًا عَلَى مَا اخْتَارَهُ قَالَ: وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَيْ: رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ الْمَذْكُورَةِ: لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ بَلْ يُوَافِقُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ غَيْرُهُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ: فَيُحْتَمَلُ: لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إحْضَارِهِ وَيُحْتَمَلُ عَلَى تَعْرِيفِهِ انْتَهَى وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي رَدَّهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى بِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ وَأَحْسَنَ فِي الرَّدِّ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَخَلْطَهُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ بِالْآخَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>