شُرَيْحٍ» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَحَاكَمَا إلَيْهِ وَارْتَضَيَا بِهِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا بِالْحَقِّ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْلَا أَنَّ حُكْمَهُ يَلْزَمُهُمَا لَمَا لَحِقَهُ هَذَا الذَّمُّ وَلِأَنَّ عُمَرَ وَأُبَيًّا تَحَاكَمَا إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَتَحَاكَمَ عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ إلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمَا قَاضِيًا (وَيَلْزَمُ مَنْ كَتَبَ إلَيْهِ) الْمُحَكِّمُ (بِحُكْمِهِ الْقَبُولُ وَ) يَلْزَمُهُ (تَنْفِيذُهُ) لِأَنَّهُ حَاكِمٌ نَافِذُ الْأَحْكَامِ فَلَزِمَهُ قَبُولُهُ (كَحَاكِمِ الْإِمَامِ وَلَا يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمِهِ فِيمَا لَا يُنْقَضُ) فِيهِ (حُكْمُ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ) مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْ تَحْكِيمِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ حُكْمُهُ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمَيْنِ أَشْبَهَ رُجُوعَ الْمُوَكِّلِ عَنْ التَّوْكِيلِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ وَ (لَا) يَصِحُّ رُجُوعُ أَحَدِهِمَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْحُكْمِ (وَقَبْلَ تَمَامِهِ) كَرُجُوعِ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ صُدُورِ مَا وُكِّلَ فِيهِ مِنْ وَكِيلِهِ.
(وَقَالَ الشَّيْخُ: وَإِنْ حَكَّمَ أَحَدُهُمَا خَصْمَهُ أَوْ حَكَّمَا مُفْتِيًا فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ جَازَ، وَقَالَ: يَكْفِي وَصْفُ الْقِصَّةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دَعْوَى (وَقَالَ: الْعَشْرُ صِفَاتٍ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ فِي الْقَاضِي: لَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُحَكِّمُهُ الْخَصْمَانِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمَا بِالرِّضَا بِهِ قَبْلَ حُكْمِهِ لِئَلَّا يَجْحَدَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا (وَقَالَ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ بَعْدَ ذِكْرِ التَّحْكِيمِ: وَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى مُقَدَّمُو الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ الْوَاسِطَاتِ وَالصُّلْحَ عِنْدَ الْفَوْرَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ، وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَتَفْوِيضَ الْأَمْوَالِ إلَى الْأَوْصِيَاءِ، وَتَفْرِقَةَ زَكَاتِهِ بِنَفْسِهِ، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ عَلَى رَقِيقِهِ، وَخُرُوجَ طَائِفَةٍ إلَى الْجِهَادِ، وَالْقِيَامَ بِأَمْرِ الْمَسَاجِدِ، وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالتَّعْزِيرَ لِعَبِيدٍ، وَإِمَاءٍ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ) قُلْتُ: وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ مَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ.
[بَابُ آدَابِ الْقَاضِي]
بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ، يُقَالُ: أَدِبَ الرَّجُلُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَضَمِّهَا لُغَةً إذَا صَارَ أَدِيبًا فِي خُلُقٍ أَوْ عِلْمٍ (وَهُوَ) أَيْ الْأَدَبُ (أَخْلَاقُهُ الَّتِي يَنْبَغِي) لَهُ وَلِغَيْرِهِ (التَّخَلُّقُ بِهَا) وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْبَابِ بَيَانُ مَا يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي، أَوْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ نَفْسَهُ وَأَعْوَانَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute