جَبَلٍ يَخْرُجُ عَنْ مُسَامَتَةِ بُنْيَانِهَا) كَأَبِي قُبَيْسٍ (صَحَّتْ) الصَّلَاةُ (إلَى هَوَائِهَا) وَكَذَا لَوْ حَفَرَ حَفِيرَةً فِي الْأَرْضِ بِحَيْثُ يَنْزِلُ عَنْ مُسَامَتَةِ بُنْيَانِهَا صَحَّتْ إلَى هَوَائِهَا لِمَا تَقْدَمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْبُقْعَةُ لَا الْجِدَارَ (وَيَأْتِي حُكْمُ صَلَاةِ الْفَرْضِ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَفِي السَّفِينَةِ أَوَّلَ) بَابِ (صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ) بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى صَلَاةِ الْمَرِيضِ.
[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَبَيَانِ أَدِلَّتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]
(بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ) وَبَيَانِ أَدِلَّتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: الْقِبْلَةُ الْوُجْهَةُ، وَهِيَ الْفِعْلَةُ مِنْ الْمُقَابَلَةِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا لَهُ قِبْلَةٌ وَلَا دِبْرَةٌ إذَا لَمْ يَهْتَدِ لِجِهَةِ أَمْرِهِ وَأَصْلُ الْقِبْلَةِ فِي اللُّغَةِ، الْحَالَةُ، الَّتِي يُقَابِلُ الشَّيْءُ غَيْرَهُ عَلَيْهَا، كَالْجِلْسَةِ لِلْحَالَةِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا، إلَّا أَنَّهَا صَارَتْ كَالْعَلَمِ لِلْجِهَةِ الَّتِي يَسْتَقْبِلُهَا الْمُصَلِّي وَسُمِّيَتْ قِبْلَةً لِإِقْبَالِ النَّاسِ عَلَيْهَا، أَوْ لِأَنَّ الْمُصَلِّي يُقَابِلُهَا وَهِيَ تُقَابِلُهُ، وَالْأَدِلَّةُ جَمْعُ دَلِيلٍ وَتَقَدَّمَ فِي الْخُطْبَةِ «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَشْرَ سِنِينَ بِمَكَّةَ» .
جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ الصَّغِيرِ، وَالسَّامِرِيِّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَهِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي أَقَامَهَا بِمَكَّةَ بَعْدَ الْبَعْثَةِ، بِنَاءً عَلَى حَدِيثِ أَنَسٍ «بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ - الْحَدِيثُ» وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ هُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ، فِي تَفْسِيرِهِ: اخْتَلَفُوا فِي صَلَاتِهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ قَوْمٌ: كَانَ بِمَكَّةَ يُصَلِّي إلَى الْكَعْبَةِ فَلَمَّا صَارَ إلَى الْمَدِينَةِ أُمِرَ بِالتَّوَجُّهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ كَانَ بِمَكَّةَ يُصَلِّي إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَلَّا أَنَّهُ يَجْعَلُ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ.
وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ كَانَ يُصَلِّي إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَطْ بِمَكَّةَ وَبِالْمَدِينَةِ أَوَّلًا سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّلَاحِ (وَ) «صَلَّى أَيْضًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْمَدِينَةِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ الْبَرَاءِ وَقَيْلَ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَقِيلَ: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَجُمِعَ بَيْنَهَا بِأَنَّ مَنْ عَدَّهَا سِتَّةَ عَشَرَ لَمْ يَعْتَبِرْ الْكُسُورَ.
وَمَنْ عَدَّهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ اعْتَدَّ بِالشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْكُسُورِ وَمَنْ عَدَّهَا سَبْعَةَ عَشَرَ حَسَبَ كُسُورَ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ، وَأَلْغَى بَقِيَّتَهُمَا.
(ثُمَّ أُمِرَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِالتَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ) بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: ١٤٤] الْآيَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute