عُلُوًّا كَبِيرًا (عُوقِبَ عَلَى ذَلِكَ إمَّا بِقَتْلٍ أَوْ بِمَا دُونَهُ) أَيْ لِإِتْيَانِهِ بُهْتَانًا عَظِيمًا وَ (لَا) يُعَاقَبُ بِذَلِكَ (إنْ قَالَهُ سِرًّا فِي نَفْسِهِ أَوْ قَالَ) ذِمِّيٌّ: (هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ الْكِلَابُ أَبْنَاءُ الْكِلَابِ إنْ أَرَادَ طَائِفَةً مُعَيَّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عُوقِبَ عُقُوبَةً تَزْجُرُهُ وَأَمْثَالَهُ) عَنْ أَنْ يَعُودَ لِذَلِكَ الْقَوْلِ الشَّنِيعِ.
(وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ قَصْدُ الْعُمُومِ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ وَوَجَبَ قَتْلُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَضَاضَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ جَاءَنَا بِأَمَانٍ ثُمَّ نَقْضَ الْعَهْدَ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُ ذُرِّيَّةٌ فَكَذِمِّيٍّ، وَتَقَدَّمَ وَتَخْرُجُ نَصْرَانِيَّةٌ لِشِرَاءِ الزُّنَّارِ وَلَا يَشْتَرِي مُسْلِمٌ لَهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَلَامَاتِ الْكُفْرِ، وَيَأْتِي فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَلَا يَأْذَنُ الْمُسْلِمُ لِزَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ أَمَتِهِ كَذَلِكَ أَنْ تَخْرُجَ إلَى عِيدٍ أَوْ تَذْهَبَ إلَى بَيْعَةٍ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا ذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[كِتَابِ الْبَيْعِ]
بَابٌ كِتَابِ الْبَيْعِ قَدَّمَهُ عَلَى الْأَنْكِحَةِ وَمَا بَعْدَهَا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا غِنَى لِلْإِنْسَانِ عَنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَلِبَاسٍ، وَهُوَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُهْتَمَّ بِهِ، لِعُمُومِ الْبَلْوَى إذْ لَا يَخْلُو مُكَلَّفٌ غَالِبًا مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ فَيَجِبُ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهِ وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُكَلَّفٍ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى فِعَلٍ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ وَبَعَثَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ يُقِيمُ مِنْ الْأَسْوَاقِ مَنْ لَيْسَ بِفَقِيهٍ.
وَالْبَيْعُ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] وَلِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِقْرَارِهِ أَصْحَابَهُ عَلَيْهِ، وَالْحِكْمَةُ تَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ تَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَلَا يُبَدِّلُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ غَالِبًا، فَفِي تَجْوِيزِ الْبَيْعِ وُصُولٌ لِغَرَضِهِ، وَدَفْعُ حَاجَتِهِ (وَهُوَ) أَيْ: الْبَيْعُ مَصْدَرُ بَاعَ يَبِيعُ إذَا مَلَكَ، وَيُطْلَقُ بِمَعْنَى شَرَى وَكَذَلِكَ شَرَى يَكُونُ لِلْمَعْنَيَيْنِ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ كَغَيْرِ بَاعَ، أَبَاعَ بِمَعْنًى وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ الْبَاعِ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَمُدُّ بَاعَهُ لِلْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ وَذَكَرْتُ فِي الْحَاشِيَةِ: مَا رُدَّ بِهِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute