الْحَاكِمُ إلَيْهِ) لَمْ أَجِدْ الْكِتَابَةَ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ بَلْ الْكُتُبُ الْمَشْهُورَةُ لَمْ يَذْكُرُوهَا وَعَمِلَ قُضَاتُنَا عَلَى عَدَمِ الْكِتَابَةِ وَكَذَا إفْتَاءُ مَشَايِخِنَا (فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ) قُلْت أَوْ عُلِمَ إذْ لَمْ نَرَ فِي كَلَامِهِمْ هَذَا الْقَيْدَ (وَتَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ كَمَا تَقَدَّمَ) بِالِاسْتِدَانَةِ وَعَدَمِ الْوُصُولِ، إلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ (فَلَهَا الْفَسْخُ) لِأَنَّهَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الْوُصُولِ إلَى نَفَقَتِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً أَوْ قَدَرَتْ لَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ عَلَى الِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا فَسْخَ لَهَا، لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا مِنْ جِهَتِهِ غَيْرُ مُتَعَذَّرٍ (وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَافْتُقِرَ إلَى الْحُكْمِ كَالْفَسْخِ لِلْعُنَّةِ (فَيَفْسَخُ) الْحَاكِمُ (بِطَلَبِهَا) لِأَنَّهُ لِحَقِّهَا فَلَا يَسْتَوْفِيه إلَّا بِطَلَبِهَا (أَوْ تَفْسَخُ) هِيَ (بِأَمْرِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ (وَفَسْخُ الْحَاكِمِ تَفْرِيقٌ لَا رَجْعَةَ فِيهِ) قُلْتُ وَكَذَا فَسْخُهَا بِأَمْرِهِ كَالْفَسْخِ لِلْعُنَّةِ.
(وَمَنْ تَرَكَ الْإِنْفَاقَ الْوَاجِبَ لِامْرَأَتِهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ مُدَّةً لَمْ تَسْقُطْ) النَّفَقَةُ كَالدَّيْنِ (وَلَوْ لَمْ يَفْرِضْهَا حَاكِمٌ وَكَانَتْ) النَّفَقَةُ (دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ) وَتَقَدَّمَ (وَيَصِحُّ ضَمَانُ النَّفَقَةِ مَا وَجَبَ مِنْهَا وَمَا يَجِبُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) كَضَمَانِ السُّوقِ (وَتَقَدَّمَ فِي الضَّمَانِ وَالصَّدَاقِ) .
(تَتِمَّةٌ) قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ إذَا ثَبَتَ عِنْد الْحَاكِمِ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَمَبْلَغُ الْمَهْرِ فَإِنْ عُلِمَ مَكَانُهُ كُتِبَ إنْ سَلَّمْتَ إلَيْهَا حَقَّهَا وَإِلَّا بِعْتُ عَلَيْكَ بِقَدْرِهِ فَإِنْ أَبَى أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهُ بَاعَ بِقَدْرِ نَصْفِهِ لِجَوَازِ طَلَاقِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ.
[بَاب نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ وَالْبَهَائِمِ]
(بَاب نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ وَالْبَهَائِمِ) وَالْمُرَادُ بِالْأَقَارِبِ مِنْ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ كَمَا يَأْتِي فَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْعَتِيقُ (تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَالِدَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣] وَمِنْ الْإِحْسَانِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ حَاجَتِهِمَا، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] وَمِنْ الْمَعْرُوفِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِمَا عِنْدَ حَاجَتِهِمَا وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute