للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخْتَصَرًا وَالْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِ ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ فِي الْآيَةِ قَبْلَ الدَّيْنِ أَنَّهَا لَمَّا أَشْبَهَتْ الْمِيرَاثَ فِي كَوْنِهَا بِلَا عِوَضٍ فَكَانَ فِي إخْرَاجِهَا مَشَقَّةٌ عَلَى الْوَارِثِ فَقُدِّمَتْ حَثًّا عَلَى إخْرَاجِهَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلِذَلِكَ جِيءَ بِكَلِمَةِ " أَوْ " الَّتِي لِلتَّسْوِيَةِ أَيْ: فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاهْتِمَامِ وَعَدَمِ التَّضْيِيعِ وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَيْهَا وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الْوَصِيَّةُ غَالِبًا تَكُونُ لِضِعَافِ فَقَوِيَ جَانِبُهَا بِالتَّقْدِيمِ فِي الذِّكْرِ، لِئَلَّا يُطْمَعَ وَيُتَسَاهَلَ فِيهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مُؤْنَةَ التَّجْهِيزِ تُقَدَّمُ مُطْلَقًا.

(فَإِنْ وَصَّى مَعَهَا) أَيْ: الْوَاجِبَاتِ (بِتَبَرُّعٍ اُعْتُبِرَ الثُّلُثُ مِنْ الْبَاقِي بَعْدَ إخْرَاجِ الْوَاجِبِ كَمَنْ تَكُونُ تَرِكَتُهُ أَرْبَعِينَ فَوَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنُ عَشْرَةٍ فَتُخْرَجُ الْعَشَرَةُ أَوَّلًا وَيُدْفَعُ إلَى الْمُوصَى لَهُ عَشْرَةٌ وَهِيَ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ الدَّيْنِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْدِيمِهِ عَلَيْهَا (وَإِنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ (بِالْوَاجِبِ الَّذِي عَلَيْهِ تَحَاصُّوا) أَيْ: وُزِّعَ مَا تَرَكَهُ عَلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ بِالْحِصَصِ سَوَاءٌ كَانَتْ دَيْنَ آدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ أَوْ مُخْتَلِفَةً.

(وَالْمُخْرِجُ لِذَلِكَ) أَيْ: الْوَاجِبَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ (وَصِيَّةٌ) إنْ كَانَ (ثُمَّ وَارِثُهُ) إنْ كَانَ أَهْلًا (ثُمَّ الْحَاكِمُ) إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ أَوْ كَانَ صَغِيرًا وَلَا وَصِيَّ لَهُ أَوْ أَبَى الْوَارِثَ إخْرَاجَهُ.

(وَإِنْ أَخْرَجَهُ) أَيْ: الْوَاجِبَ (مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ مِنْ مَالِهِ أَجْزَأَ) كَقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ حَيٍّ بِلَا إذْنِهِ (كَمَا لَوْ كَانَ) الْقَضَاءُ (بِإِذْنِ حَاكِمٍ، وَإِنْ قَالَ) الْمُوصِي (أَخْرِجُوا الْوَاجِبَ مِنْ ثُلُثِي، أُخْرِجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَتُمِّمَ) الْوَاجِبُ مِنْ (رَأْسِ الْمَالِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ إخْرَاجِ الْوَاجِبَاتِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ (فَإِنْ كَانَ مَعَهَا) أَيْ: الْوَاجِبَاتِ (وَصِيَّةُ تَبَرُّعٍ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ) أَيْ: الثُّلُثِ (شَيْءٌ فَ) هُوَ (لِصَاحِبِ التَّبَرُّعِ) لِأَنَّ الدَّيْنَ تَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِهِ قَبْلَ الْمِيرَاثِ وَالتَّبَرُّعِ فَإِذَا عَيَّنَهُ فِي الثُّلُثِ وَجَبَتْ الْبُدَاءَةُ بِهِ وَمَا فَضَلَ لِلتَّبَرُّعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْوَاجِبِ مِنْهُ (بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) بِالتَّبَرُّعِ كَمَا لَوْ رَجَعَ عَنْهَا إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ، فَيُعْطَى مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ.

[بَابُ الْمُوصَى لَهُ]

بَابُ بَابُ الْمُوصَى لَهُ هُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ لِلْوَصِيَّةِ (تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ) مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ (لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>