مِنْ مَالِ الْقَاتِلِ) لِأَنَّهُ عَمْدٌ مَحْضٌ، فَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ.
(وَإِنْ قَتَلَ) رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (وَقَطَعَ طَرَفًا مِنْ آخَرَ قُطِعَ طَرَفُهُ أَوَّلًا) لِأَنَّهُ لَوْ بُدِئَ بِالْقَتْلِ لَفَاتَ الْقَطْعُ وَفِيهِ تَفْوِيتٌ لِحَقِّ الْمَقْطُوعِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُ الْقَطْعِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ حَقَّيْ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ (ثُمَّ قُتِلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ) لِأَنَّهُ مُعَارِضٌ لَهُ (تَقَدَّمَ الْقَتْلُ) عَلَى الْقَطْعِ (أَوْ تَأَخَّرَ) عَنْهُ لِأَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ عَلَى شَخْصَيْنِ فَلَمْ يَتَدَاخَلَا كَقَطْعِ يَدِ رَجُلَيْنِ وَلِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، فَلَمْ يَجُزْ إسْقَاطُ أَحَدِهِمَا.
(وَإِنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ وَقَتَلَ آخَرَ ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَى نَفْسِ الْمَقْطُوعِ فَمَاتَ، فَهُوَ قَاتِلٌ لَهُمَا) لِأَنَّ سِرَايَةَ الْعَمْدِ مَضْمُونَةٌ (فَإِنْ تَشَاحَّا فِي الِاسْتِيفَاءِ قُتِلَ بِاَلَّذِي قَتَلَهُ) لِسَبْقِهِ وَتَأَخُّرِ السِّرَايَةِ (وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِلْمَقْتُولِ بِالسِّرَايَةِ وَلَمْ يُقْطَعْ طَرَفُهُ) لِأَنَّهُ قَطْعٌ صَارَ قَتْلًا.
(وَإِنْ قَطَعَ يَدَ وَاحِدٍ وَأُصْبُعَ آخَرَ مِنْ يَدٍ نَظِيرَتُهَا قُدِّمَ رَبُّ الْيَدِ إنْ كَانَ أَوَّلًا لِسَبْقِهِ) وَلِلْآخَرِ دِيَةُ أُصْبُعِهِ (لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ) فِيهِ (وَمَعَ أَوَّلِيَّتِهِ) بِأَنْ كَانَ قَطَعَ الْأُصْبُعَ أَوَّلًا (تُقْطَعُ أُصْبُعُهُ ثُمَّ يَقْتَصُّ رَبُّ الْيَدِ بِلَا أَرْشٍ) لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِي عَفْوٍ وَاحِدٍ بَيْنَ قِصَاصٍ وَدِيَةِ النَّفْسِ، وَهَذَا بِخِلَافِ النَّفْسِ، فَإِنَّهَا لَا تَنْقُصُ بِقَطْعِ الطَّرَفِ فَقَطْعُهُ لَا يَمْنَعُ التَّكَافُؤَ، بِدَلِيلِ أَخْذِ صَحِيحِ الْأَطْرَافِ بِمَقْطُوعِهَا وَقَطْعُ الْأُصْبُعِ مِنْ الْيَدِ لَا يَمْنَعُ التَّكَافُؤَ فِي الْيَدِ، بِدَلِيلِ أَنَّا لَا نَأْخُذُ الْكَامِلَةَ بِالنَّاقِصَةِ وَاخْتِلَافِ دِيَتِهَا.
(وَإِنْ قَطَعَ أَيْدِي جَمَاعَةٍ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ دَفْعَةً أَوْ مُتَفَرِّقًا (فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَتْلِ فِيمَا تَقَدَّمَ) لِأَنَّ الْقَطْعَ كَالْقَتْلِ فَإِنْ رَضُوا بِقَطْعِ يَدِهِ قُطِعَتْ لَهُمْ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ سِوَاهُ، وَإِنْ تَشَاحُّوا بُدِئَ بِالْأَوَّلِ وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ مَعًا أَوْ جُهِلَ الْأَوَّلُ أُقْرِعَ، وَإِنْ رَضِيَ الْأَوَّلُ بِالدِّيَةِ أُعْطِيهَا وَقُطِعَ لِلْبَاقِينَ (وَإِنْ بَادَرَ بَعْضُهُمْ فَاقْتَصَّ بِجِنَايَتِهِ فِي النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ فَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ عَلَى الْجَانِي) فِي مَالِهِ وَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ لِأَنَّهُ عَمْدٌ مَحْضٌ (وَيَأْتِي إذَا قَتَلَ) خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إلَيْهِ (أَوْ أَتَى حَدًّا خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ آخِرَ كِتَابِ الْحُدُودِ) مُفَصَّلًا.
[بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ]
(بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ) أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٧٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute