[فَصْلٌ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ]
فَصْلٌ (فَإِنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فَإِنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ فَفَرْضُهُ التَّوَجُّهِ إلَى مَحَارِيبِهُمْ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) لَهُمْ مَحَارِيبُ (لَزِمَهُ السُّؤَالُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْقِبْلَةِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: ظَاهِرُهُ يَقْصِدُ الْمَنْزِلَ فِي اللَّيْلِ، فَيَسْتَخْبِرُ (إنْ كَانَ جَاهِلًا بِأَدَاتِهَا) أَيْ الْقِبْلَةَ (فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ يَقِينٍ فَفَرْضُهُ الرُّجُوعُ إلَى خَبَرِهِ) وَلَا يَجْتَهِدُ كَالْحَاكِمِ يَجِدُ النَّصَّ.
(وَإِنْ كَانَ) يُخْبِرُهُ (عَنْ ظَنٍّ فَفَرْضُهُ تَقْلِيدُهُ إنْ كَانَ) الْمُخْبِرُ (مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِيهَا، وَهُوَ الْعَالِمُ بِأَدَاتِهَا) وَضَاقَ الْوَقْتُ وَإِلَّا لَزِمَهُ التَّعْلِيمُ وَالْعَمَلُ بِاجْتِهَادِهِ (وَإِنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ) الْقِبْلَةُ (فِي السَّفَرِ وَكَانَ عَالِمًا بِأَدَاتِهَا، فَفَرْضُهُ الِاجْتِهَادُ فِي مَعْرِفَتِهَا) لِأَنَّ مَا وَجَبَ اتِّبَاعُهُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَجَبَ الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ عِنْدَ خَفَائِهِ، كَالْحُكْمِ فِي الْحَادِثَةِ (فَإِذَا اجْتَهَدَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ جِهَةٌ) أَنَّهَا الْقِبْلَةُ (صَلَّى إلَيْهَا) لِتَعَيُّنِهَا قِبْلَةً لَهُ، إقَامَةً لِلظَّنِّ مَقَامَ الْيَقِينِ، لِتَعَذُّرِهِ (فَإِنْ تَرَكَهَا) أَيْ الْجِهَةَ الَّتِي غَلَبَتْ عَلَى ظَنِّهِ (وَصَلَّى إلَى غَيْرِهَا أَعَادَ) مَا صَلَّاهُ إلَى غَيْرِهَا.
(وَإِنْ أَصَابَ) لِأَنَّهُ تَرَكَ فَرَضَهُ، كَمَا لَوْ تَرَكَ الْقِبْلَةَ الْمُتَيَقَّنَةَ (وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ لِغَيْمٍ وَنَحْوِهِ) كَمَا لَوْ كَانَ مَطْمُورًا (أَوْ) كَانَ (بِهِ مَانِعٌ مِنْ الِاجْتِهَادِ، كَرَمَدٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ تَعَادَلَتْ عِنْدَهُ الْأَمَارَاتُ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ بِلَا إعَادَةٍ) كَعَادِمِ الطَّهُورَيْنِ (وَكُلُّ مَنْ صَلَّى مِنْ هَؤُلَاءِ) الْمَذْكُورِينَ (قَبْلَ فِعْلِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِخْبَارِ) إنْ وَجَدَ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ يَقِينٍ (أَوْ اجْتِهَادٍ) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ يَقِينٍ (أَوْ تَقْلِيدٍ) إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِاجْتِهَادِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْأَدِلَّةِ أَوْ عَجْزِهِ عَنْهُ لِرَمَدٍ أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ تَحَرٍّ) فِيمَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْأَعْمَى أَوْ الْجَاهِلُ مَنْ يُقَلِّدُهُ (فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَإِنْ أَصَابَ) الْقِبْلَةَ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَعَلَّمَ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ وَ) أَدِلَّةَ (الْوَقْتِ) مَنْ لَا يَعْرِفُهَا، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يَتَوَجَّهُ وُجُوبُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ فَقَالَ: وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ السَّفَرَ تَعَلُّمُ ذَلِكَ وَمَنَعَهُ قَوْمٌ، لِأَنَّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مِمَّا يَنْدُرُ الْتِبَاسُهُ.
وَالْمُكَلَّفُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ مَا يَعُمَّ لَا مَا يَنْدُرُ (وَيَسْتَدِلُّ عَلَيْهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ (بِأَشْيَاءَ مِنْهَا النُّجُومُ) وَهِيَ أَصَحُّهَا قَالَ تَعَالَى {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: ١٦] وَقَالَ {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا} [الأنعام: ٩٧] .
وَقَالَ عُمَرُ: تَعَلَّمُوا مِنْ النُّجُومِ مَا تَعْرِفُونَ بِهِ الْوَقْتَ وَالطَّرِيقَ (وَأَثْبَتُهَا) وَأَقْوَاهَا (الْقُطْبُ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ (الشَّمَالِيُّ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute