إلَيْهِ بِالنِّيَّةِ فَتَعَيَّنَ لَهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي الظِّهَارِ: وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهَانِ إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا، وَأَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَكُونُ طَلَاقًا بِالنِّيَّةِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ أَوْلَى أَنْ تَكُونَ كِنَايَةً مِنْ قَوْلِهِ اُخْرُجِي وَنَحْوِهِ قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَيَأْتِي فِي بَابِهِ) أَيْ بَابِ الظِّهَارِ.
(وَإِنْ قَالَ: حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ وَكَذَبَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَلَفَ (لَمْ يَصِرْ حَالِفًا كَمَا لَوْ قَالَ حَلَفْتُ بِاَللَّهِ وَكَانَ كَاذِبًا وَيَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ إنْسَانٍ مُعَيَّنٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ ثُمَّ قَالَ كَذَبَتْ (وَلَا يَلْزَمهُ) الطَّلَاقُ (فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ) تَعَالَى لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ وَالْيَمِينُ إنَّمَا تَكُونُ بِالْحَلِفِ.
وَلَوْ قَالَتْ زَوْجَتُهُ حَلَفْتَ بِالطَّلَاقِ لِلثَّلَاثِ فَقَالَ لَمْ أَحْلِفْ إلَّا بِوَاحِدَةٍ أَوْ قَالَتْ عَلَّقْتَ طَلَاقِي عَلَى قُدُومِ زَيْدٍ فَقَالَ لَمْ أُعَلِّقْهُ إلَّا عَلَى قُدُومِ عَمْرٍو كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِ نَفْسِهِ.
[فَصْل قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ]
فَصْل (وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِك فَهُوَ تَوْكِيلٌ مِنْهُ لَهَا فِي الطَّلَاقِ) لِأَنَّهُ إذْن لَهَا فِيهِ (وَلَا يَتَقَيَّدُ) ذَلِكَ (بِالْمَجْلِسِ) بَلْ هُوَ عَلَى التَّرَاخِي لِقَوْلِ عَلِيٍّ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّهُ نَوْعُ تَمَلُّكٍ فِي الطَّلَاقِ فَمَلَكَهُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ كَمَا لَوْ جَعَلَهُ الْأَجْنَبِيُّ (وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا) أَفْتَى بِهِ أَحْمَدُ مِرَارًا وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عُثْمَانَ.
وَقَالَهُ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَفُضَالَةُ وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " هُوَ ثَلَاثٌ " قَالَ الْبُخَارِيُّ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ أَمْرِهَا لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٌ فَيَتَنَاوَلَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ (كَقَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَكِ مَا شِئْتِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْتُ وَاحِدَةً وَلَا يَدِينُ) لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ (وَهُوَ) أَيْ الطَّلَاقُ (فِي يَدِهَا) عَلَى التَّرَاخِي كَمَا سَبَقَ (مَا لَمْ يَفْسَخْ أَوْ يَطَأْ) فَلَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا بَعْدُ لِأَنَّ ذَلِكَ وَكَالَةٌ فَتَبْطُلُ إذَا فَسَخَهَا بِالْقَوْلِ أَوْ أَتَى بِمَا يَدُلُّ عَلَى فَسْخِهَا وَالْوَطْءُ يَدُلُّ عَلَى الْفَسْخِ (وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إنْ جَعَلَهُ) أَيْ أَمْرَهَا (فِي يَدِ غَيْرِهَا) أَيْ الزَّوْجَةُ بِأَنْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِ زَيْدٍ مَثَلًا فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا مَا لَمْ يَفْسَخْ أَوْ يَطَأْ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي نَفْسَكِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ) نَفْسَهَا (أَكْثَر مِنْ وَاحِدَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute