الِاخْتِيَارَاتِ، (وَ) عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ (مِنْ أَعْشَارِ الشُّهُورِ كُلِّهَا) لِمَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَيَّامِ ذِي الْحِجَّةِ» قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي اللَّطَائِفِ: وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ بَعْضُ أَعْيَانِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ: أَنْ يُقَالَ: مَجْمُوعُ هَذَا الْعَشْرِ أَفْضَلُ مِنْ مَجْمُوعِ عَشْرِ رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ فِي عَشْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةٌ لَا يَفْضُلُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]
ِ " (وَهُوَ) أَيْ: الِاعْتِكَافُ لُغَةً لُزُومُ الشَّيْءِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: ١٣٨] يُقَالُ: عَكَفَ بِفَتْحِ الْكَافِ يَعْكُفُ بِضَمِّهَا وَكَسْرِهَا، وَشَرْعًا (لُزُومُ الْمَسْجِدِ لِطَاعَةِ اللَّهِ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ) يَأْتِي بَيَانُهَا (مِنْ مُسْلِمٍ) لَا كَافِرٍ وَلَوْ مُرْتَدًّا (عَاقِلٍ وَلَوْ مُمَيِّزًا) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا طِفْلٍ لِعَدَمِ النِّيَّةِ (طَاهِرٍ مِمَّا وَجَبَ غُسْلًا) فَلَا يَصِحُّ مِنْ جُنُبٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ مُتَوَضِّئًا (وَأَقَلُّهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافُ (سَاعَةٌ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: أَقَلُّهُ إذَا كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا مُطْلَقًا: مَا يُسَمَّى بِهِ مُعْتَكِفًا لَابِثًا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَحْظَةٌ وَفِي كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَقَلُّهُ سَاعَةٌ لَا لَحْظَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ اهـ وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَأَقَلُّهُ أَدْنَى لُبْثٍ اهـ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ: وَلَا يَكْفِي عُبُورُهُ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ مَا يَتَنَاوَلُ اللَّحْظَةَ وَقَدْ حَكَيْت كَلَامَهُ فِي حَاشِيَةِ الْمُنْتَهَى، (فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةٍ (أَجْزَأَتْهُ) السَّاعَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَكْفِي عُبُورُهُ) بِالْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ لُبْثٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُعْتَكِفًا.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ الِاعْتِكَافُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يَقُولُ: أَقَلُّهُ ذَلِكَ.
(وَيُسَمَّى) الِاعْتِكَافُ (جِوَارًا) «لِقَوْلِ عَائِشَةَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute