[فَصْلٌ يُعْتَبَرُ عَدَالَةُ الْبَيِّنَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ خَصْمَهُ]
(فَصْلٌ يُعْتَبَرُ عَدَالَةُ الْبَيِّنَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ خَصْمَهُ) لِأَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ فَيَجِبُ الْعِلْمُ بِهَا كَالْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وَقَوْلُهُ {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ٍ} [الحجرات: ٦] الْآيَةُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ وَلَا ذِي غَمْرٍ عَلَى أَخِيهِ وَلَا مَحْدُودٍ فِي الْإِسْلَامِ» (فَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِهَا) أَيْ الْعَدَالَةِ (وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ قَالَ الزَّرْكَشِيّ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْخُرُوجُ عَنْهَا) (وَقَالَ) الشَّيْخُ: (مَنْ قَالَ: إنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِنْسَانِ الْعَدَالَةُ فَقَدْ أَخْطَأَ وَإِنَّمَا الْأَصْلُ الْجَهْلُ وَالظُّلْمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا} [الأحزاب: ٧٢] (فَالْفِسْقُ وَالْعَدَالَةُ كُلٌّ مِنْهُمَا يَطْرَأُ) " عَلَى الْآخَرِ وَقَوْلُ عُمَرَ الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ مُعَارِضٌ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَتَى بِشَاهِدَيْنِ فَقَالَ لَهُمَا: لَسْتُ أَعْرِفُكُمَا وَلَا يَضُرُّكُمَا أَنِّي لَا أَعْرِفُكُمَا وَالْأَعْرَابِيُّ الَّذِي قَبِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَتَهُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِرَمَضَانَ صَارَ صَحَابِيًّا وَهُمْ عُدُولٌ وَعَنْهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ جَهِلَ إسْلَامَهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِ وَالْعَمَلِ عَلَى الْأَوَّلِ.
(وَلَا تُشْتَرَطُ) الْعَدَالَةُ (بَاطِنًا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ) فَلَا يَبْطُلُ لَوْ بَانَا فَاسِقَيْنِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ وَلِلْمَشَقَّةِ (وَتَقَدَّمَ) فِي شُرُوطِ النِّكَاحِ.
(وَإِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ (حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا) عَمَلًا بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ لَتَسَلْسَلَ لِأَنَّ الْمُزَكَّى يَحْتَاجُ إلَى تَعْدِيلِهِ فَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ احْتَاجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُزَكَّيْنِ إلَى مَنْ يُزَكِّيهِ ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُزَكِّيهِمَا إلَى مُزَكَّيْنِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ.
(وَإِنْ عَلِمَ فِسْقَهُمَا لَمْ يَحْكُمْ) بِشَهَادَتِهِمَا لِعَدَمِ شَرْطِ الْحُكْمِ (فَلَهُ) أَيْ الْحَاكِمِ (الْعَمَلُ بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِمْ وَجَرْحِهِمْ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْحَاكِمِ (أَنْ يُرَتِّبَ شُهُودًا لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ) لِأَنَّ مِنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ وَجَبَ قَبُولُ شَهَادَتِهِ (وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَإِذَا عَرَفَ) الْحَاكِمُ (عَدَالَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute