ذَلِكَ، وَالْمُؤْنَةُ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُ حَقِّهِ إلَّا بِرَفْعِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِوَالٍ يَظْلِمُهُ جَازَ لَهُ رَفْعُهُ.
[فَصْلٌ مَنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَاسْتَمَرَّ]
فَصْلٌ: وَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَاسْتَمَرَّ (أَوْ) بَلَغَ (مَجْنُونًا فَالنَّظَرُ) فِي مَالِهِ (لِوَلِيِّهِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْبُلُوغِ: مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ الْحَاكِمِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ فَكَّ عَنْهُ الْحَجْرَ) بِأَنْ بَلَغَ عَاقِلًا رَشِيدًا (فَعَاوَدَهُ السَّفَهُ) أُعِيدَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ (أَوْ جُنَّ) بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ (أُعِيدَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ (فَإِنْ فَسَقَ السَّفِيهُ وَلَمْ يُبَذِّرْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ) خُصُوصًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الرُّشْدَ إصْلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ (وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى مَنْ سَفِهَ أَوْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ إلَّا حَاكِمٌ (لِأَنَّ التَّبْذِيرَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ثَابِتًا يَخْتَلِفُ) فَاحْتَاجَ إلَى الِاجْتِهَادِ وَمَا احْتَاجَ إلَى الِاجْتِهَادِ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ وَهَذَا وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ سَفِهَ وَأَمَّا مَنْ جُنَّ فَالْجُنُونُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: لَا يَفْتَقِرُ إلَى الِاجْتِهَادِ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ فِي الْمُغْنِي.
(وَلَا يَنْظُرُ فِي أَمْوَالِهِمَا) أَيْ مَالِ مَنْ سَفِهَ أَوْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ وَحُجِرَ عَلَيْهِ (إلَّا الْحَاكِمُ) لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا يَفْتَقِرُ إلَى الْحَاكِمِ، وَفَكُّهُ كَذَلِكَ فَكَذَا النَّظَرُ فِي مَالِهِمَا (وَلَا يَنْفَكُّ) الْحَجْرُ (عَنْهُمَا إلَّا بِحُكْمِهِ) لِأَنَّهُ حَجْرٌ ثَبَتَ بِحُكْمِهِ فَلَمْ يَزُلْ إلَّا بِهِ، كَالْفَلَسِ (وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ إذَا اخْتَلَّ عَقْلُهُ حُجِرَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْنُونِ) لِعَجْزِهِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ: أَرَى أَنْ يَحْجُرَ الِابْنُ عَلَى الْأَبِ إذَا أَسْرَفَ فِي مَالِهِ، بِأَنْ يَضَعَهُ فِي الْفَسَادِ، وَشِرَاءِ الْمُغَنِّيَاتِ وَنَحْوِهِ.
(وَمَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ) الْحَاكِمُ (اُسْتُحِبَّ إظْهَارُهُ عَلَيْهِ وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَجْرِ عَلَيْهِ (لِتُجْتَنَبَ مُعَامَلَتُهُ) وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ يَنْتَشِرُ أَمْرُهُ لِشُهْرَتِهِ.
(وَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَأْمُرَ مُنَادِيًا يُنَادِي بِذَلِكَ) أَيْ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ (لِيُعَرِّفَهُ النَّاسَ فَعَلَ) أَيْ أَمَرَ مَنْ يُنَادِي بِهِ (وَلَا يَصِحُّ تَزَوُّجُهُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ يَجِبُ بِهِ مَالٌ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ كَالشِّرَاءِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) السَّفِيهُ (مُحْتَاجًا إلَيْهِ) أَيْ إلَى التَّزَوُّجِ (وَإِلَّا) بِأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ (صَحَّ) التَّزَوُّجُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّهُ إذْنُ مَصْلَحَةٍ مَحْضَةٍ وَالنِّكَاحُ لَمْ يُشْرَعْ لِقَصْدِ الْمَالِ، وَسَوَاءٌ احْتَاجَهُ لِمُتْعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ (وَيَتَقَيَّدُ) السَّفِيهُ إذَا تَزَوَّجَ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) فَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تَبَرُّعٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute