للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْضَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَقَرَّهَا فِي أَيْدِي أَرْبَابِهَا بِالْخَرَاجِ الَّذِي ضَرَبَهُ أُجْرَةً لَهَا كُلَّ عَامٍ وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّتَهَا لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ فِيهَا.

[أَرْكَانُ الْإِجَارَةِ]

وَأَرْكَانُ الْإِجَارَةِ خَمْسَةٌ: الْمُتَعَاقِدَانِ وَالْعِوَضَانِ وَالصِّيغَةُ (وَهِيَ) أَيْ الْإِجَارَةُ (وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْعَرَايَا وَالشُّفْعَةُ وَالْكِتَابَةُ وَنَحْوُهَا) كَالسَّلَمِ (مِنْ الرُّخَصِ الْمُبَاحَةِ الْمُسْتَقِرِّ حُكْمُهَا عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ:؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُخَصِّصْ الْعِلَّةَ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُ مُخَالَفَةُ قِيَاسٍ صَحِيحٍ وَمَنْ خَصَّصَهَا، فَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّيْءُ خِلَافَ الْقِيَاسِ إذَا كَانَ الْمُقْتَضَى لِلْحُكْمِ مَوْجُودًا فِيهِ، وَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ.

(وَلَا تَصِحُّ) الْإِجَارَةُ (إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ.

(وَتَنْعَقِدُ) الْإِجَارَةُ (بِلَفْظِ: آجَرْتُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا) كَالْكِرَاءِ، سَوَاءٌ (أَضَافَهُ إلَى الْعَيْنِ نَحْوَ: آجَرْتُكَهَا أَوْ أَكْرَيْتُكَهَا، أَوْ) أَضَافَهُ (إلَى النَّفْعِ نَحْوُ) قَوْلِهِ (آجَرْتُكَ) نَفْعَ هَذَا الدَّارِ (أَوْ أَكْرَيْتُكَ) نَفْعَ هَذِهِ الدَّارِ (أَوْ مَلَّكْتُكَ نَفْعَهَا وَ) تَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِلَفْظِ بَيْعٍ أَضَافَهُ إلَى النَّفْعِ نَحْوُ) قَوْلِ: (بِعْتُكَ نَفْعَهَا أَوْ) بِعْتُكَ (سُكْنَى الدَّارِ وَنَحْوِهِ، أَوْ أَطْلَقَ) ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ فَانْعَقَدَتْ بِلَفْظِهِ كَالصَّرْفِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَرَفَا الْمَقْصُودَ انْعَقَدَتْ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي عَرَفَ بِهَا الْمُتَعَاقِدَانِ مَقْصُودَهُمَا وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَحُدَّ حَدًّا لِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ، بَلْ ذَكَرَهَا مُطْلَقَةً وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ.

وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَبِلَفْظِ: بَيْعٍ إنْ لَمْ يُضَفْ إلَى الْعَيْنِ وَمَعْنَاهُ فِي التَّلْخِيصِ قَالَ: مُضَافًا إلَى النَّفْعِ، كَ بِعْتُكَ نَفْعَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، نَحْوَ بِعْتُكَ شَهْرًا.

(وَلَا تَصِحُّ) الْإِجَارَةُ (إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا: مَعْرِفَةُ الْمَنْفَعَةِ) .

؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا فَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِهَا كَالْمَبِيعِ وَمَعْرِفَتُهَا (إمَّا بِالْعُرْفِ) وَهُوَ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ (كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا) السُّكْنَى مُتَعَارَفَةٌ بَيْنَ النَّاسِ وَالتَّفَاوُتُ فِيهَا يَسِيرٌ فَلَمْ تَحْتَجْ إلَى ضَبْطِهِ.

(وَ) كَ (خِدْمَةِ الْآدَمِيِّ سَنَةً) ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ أَيْضًا مَعْلُومَةٌ بِالْعُرْفِ فَلَمْ تَحْتَجْ إلَى ضَبْطٍ كَالسُّكْنَى (فَيَخْدُمُهُ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَقْتَضِيه الْعُرْفُ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَالرِّعَايَةِ: إنْ اسْتَأْجَرَهُ شَهْرًا يَخْدُمُ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ اسْتَحَقَّهُ لَيْلًا انْتَهَى وَالْمُرَادُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اللَّيْلِ.

قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: يَخْدُمُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا، وَبِاللَّيْلِ مَا يَكُونُ مِنْ خِدْمَةِ أَوْسَاطِ النَّاسِ (فَإِذَا كَانَ لَهُمَا عُرْفٌ أَغْنَى عَنْ تَعْيِينِ النَّفْعِ وَ) عَنْ تَعْيِينِ (صِفَتِهِ وَيَنْصَرِفُ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>