(وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهُمْ) أَيْ الْمُدَّعِينَ الَّذِينَ جَاءُوا دُفْعَهً وَاحِدَةً (كَتَبَ أَسْمَاءَهُمْ فِي رِقَاعٍ وَتَرَكَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَدَّ يَدَهُ فَأَخَذَ رُقْعَةً وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى أَيْ كُلَّمَا انْتَهَتْ خُصُومَةُ صَاحِبِ رُقْعَةٍ أَخَذَ الْأُخْرَى فَأَنْهَى) حُكُومَةَ صَاحِبِهَا (وَ) يَأْخُذُ (أُخْرَى) فَ (يُقَدِّمُ صَاحِبَهَا حَسَبَ مَا يُتَّفَقُ) إلَى أَنْ يَنْتَهُوا لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ هُنَا إلَّا الْقُرْعَةُ وَهَذَا أَسْهَلُ طُرُقِهَا.
[فَصْلٌ مَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ]
فَصْلٌ وَيَلْزَمُهُ أَيْ الْقَاضِيَ (الْعَدْلُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي لَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَمَجْلِسِهِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ قُضَاةِ الْبَصْرَةِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَعْدِلْ بَيْنَهُمْ فِي لَفْظِهِ وَإِشَارَتِهِ وَمَقْعَدِهِ وَلَا يَرْفَعَنَّ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَلَا يَرْفَعْهُ عَلَى الْآخَرِ» وَلِأَنَّهُ إذَا مَيَّزَ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ حُصِرَ وَانْكَسَرَ وَرُبَّمَا لَمْ يَفْهَمْ حُجَّتَهُ فَيُؤَدِّي إلَى ظُلْمِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا كَافِرًا فَيُقَدِّمُ الْمُسْلِمَ عَلَيْهِ فِي الدُّخُولِ وَيَرْفَعُهُ فِي الْجُلُوسِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: ١٨] وَلِقَوْلِ عَلِيٍّ لِشُرَيْحٍ " لَوْ كَانَ مُسْلِمًا لَجَلَسْتُ مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْجُلُوسِ» قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ (أَوْ يَأْذَنُ لَهُ) أَيْ الْقَاضِي (أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ فِي رَفْعِ الْخَصْمِ الْآخَرِ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ فَيَجُوزُ) لَهُ رَفْعُهُ لِإِسْقَاطِ خَصْمِهِ حَقَّهُ بِإِذْنِهِ فِيهِ (وَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا رَدَّ عَلَيْهِ) السَّلَامَ (وَلَا يَنْتَظِرُ) بِالرَّدِّ (سَلَامَ الثَّانِي) لِوُجُوبِ رَدِّ السَّلَامِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ.
(وَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي (الْقِيَامُ السَّائِغُ) كَالْقِيَامِ لِعَالِمٍ وَوَالِدٍ وَنَحْوِهِمَا فَيَقُومُ لِخَصْمَيْنِ فَإِنْ قَامَ لِأَحَدِهِمَا لَزِمَهُ الْقِيَامُ لِلْآخَرِ لِلْعَدْلِ (وَ) لَهُ (تَرْكُهُ) أَيْ تَرْكُ الْقِيَامِ لَهُمَا لِأَنَّهُ أَبْلُغُ فِي الْهَيْبَةِ (وَمُسَارَّةُ أَحَدِهِمَا) لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ صَاحِبِهِ وَرُبَّمَا أَضْعَفَهُ ذَلِكَ عَنْ إقَامَةِ حُجَّتِهِ.
(وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ (تَلْقِينُهُ) لِأَحَدِهِمَا (حُجَّتَهُ) لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا وَلِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى وَجْهِ صَاحِبهِ (وَ) يُحَرَّمُ عَلَيْهِ (تَضْيِيفُهُ) أَيْ تَضْيِيفُ أَحَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute