[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْجَدَّةِ]
(وَلِجَدَّةٍ فَأَكْثَرَ) إلَى ثَلَاثٍ (إذَا تَحَاذَيْنَ) أَيْ تَسَاوَيْنَ فِي الدَّرَجَةِ (السُّدُسُ) إجْمَاعًا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي لِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى لِلْجَدَّتَيْنِ فِي الْمِيرَاثِ بِالسُّدُسِ بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ.
(وَ) الْجَدَّةُ (الْقُرْبَى وَلَوْ) كَانَتْ (مِنْ جِهَةِ الْأَبِ تَحْجُبُ) الْجَدَّةَ (الْبُعْدَى) لِأَنَّهَا جَدَّةُ قُرْبَى فَتَحْجُبُ الْبُعْدَى كَالَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، وَلِأَنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ يَرِثْنَ مِيرَاثًا وَاحِدًا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا اجْتَمَعْنَ فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِنَّ كَالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْإِخْوَةِ وَالْبَنَاتِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ: لَا تَحْجُبُ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ الْبُعْدَى مِنْ الْأُمِّ لِقُوَّتِهَا (وَلَا يَرِثُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ) وَهُنَّ، (أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ الْجَدِّ) أَبِي الْأَبِ فَقَطْ (وَمَنْ كَانَ مِنْ أُمَّهَاتِهِنَّ وَإِنْ عَلَوْنَ أُمُومَةً) .
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَّثَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَوَاحِدَةً مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ» وَأَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَرَوَى سَعِيدٌ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ «أَنَّهُمْ كَانُوا يُوَرِّثُونَ مِنْ الْجَدَّاتِ ثَلَاثًا ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَوَاحِدَةً مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ» ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّحْدِيدِ بِثَلَاثٍ وَأَنَّهُ لَا يُوَرِّثُ مَنْ فَوْقَهَا (وَالْجَدَّاتُ الْمُتَحَاذِيَاتُ أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أَبِي أَبٍ) وَكَذَا أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أُمِّ أَبِي أَبٍ وَإِنْ أَرَدْتَ تَنْزِيلَ الْجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ وَغَيْرِهِنَّ فَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَيِّتِ فِي الدَّرَجَةِ الْأَوْلَى جَدَّتَيْنِ أُمُّ أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِيهِ وَفِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعًا لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ جَدَّتَيْنِ، فَهُمَا أَرْبَعٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ.
وَفِي الثَّالِثَةِ ثَمَانٌ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَرْبَعًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَكُونُ لِوَلَدِهِمَا ثَمَانٌ وَعَلَى هَذَا كُلَّمَا عَلَتْ دَرَجَةً يُضَاعَفُ عَدَدُهُنَّ وَلَا يَرِثُ مِنْهُنَّ إلَّا ثَلَاثٌ (وَتَرِثُ الْجَدَّةُ) أُمُّ الْأَبِ.
(وَ) تَرِثُ (أُمُّ الْجَدِّ وَابْنُهُمَا حَيٌّ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا) فَلَا يَحْجُبُ الْأَبُ أُمَّ نَفْسِهِ وَلَا أُمَّ أَبِيهِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ لَا يَحْجُبُ أُمَّهُ (كَمَا لَوْ كَانَ عَمَّا) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودَ وَأَبِي مُوسَى وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ «أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute