للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِزْيَةُ (كُلَّ سَنَةٍ هِلَالِيَّةٍ مَرَّةً) وَاحِدَةً (بَعْدَ انْقِضَائِهَا) أَيْ: السَّنَةِ لِأَنَّهَا مَالٌ يَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِ الْحَوْلِ فَلَمْ تُؤْخَذْ قَبْلَهُ كَالزَّكَاةِ.

(وَلَا تَجُوزُ مُطَالَبَتُهُ بِهَا عَقِبَ عَقْدِ الذِّمَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَرْطُ تَعْجِيلِهَا، وَلَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ قَالَ الْأَصْحَابُ: لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ نَقْضَ أَمَانِهِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْعِوَضِ.

(وَيُمْتَهَنُونَ عِنْدَ أَخْذِهَا) أَيْ: الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ (وَتُجَرُّ أَيْدِيهِمْ عِنْدَ أَخْذِهَا وَيُطَالُ قِيَامُهُمْ حَتَّى يَأْلَمُوا وَيُتْعَبُوا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَهُمْ قِيَامٌ وَالْآخِذُ) لِلْجِزْيَةِ (جَالِسٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ مُسْتَحَقَّةٌ.

(وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إرْسَالُهَا) أَيْ: الْجِزْيَةِ (مَعَ غَيْرِهِمْ لِزَوَالِ الصَّغَارِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا بِنَفْسِهِ بَلْ يُحْضَرُ الذِّمِّيُّ بِنَفْسِهِ لِيُؤَدِّيَهَا وَهُوَ قَائِمٌ) صَاغِرٌ (وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَوَكَّلَ لَهُمْ فِي أَدَائِهَا، وَلَا أَنْ يَضْمَنَهَا، وَلَا أَنْ يُحِيلَ الذِّمِّيَّ عَلَيْهِ بِهَا) لِفَوَاتِ الصَّغَارِ.

(وَلَا يُعَذَّبُونَ) أَيْ: أَهْلُ الذِّمَّةِ (فِي أَخْذِهَا) أَيْ: الْجِزْيَةِ (وَلَا يُشْتَطُّ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَلَا يُتَسَطَّطُ (عَلَيْهِمْ) لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ " أَنَّ عُمَرَ أَتَى بِمَالٍ كَثِيرٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَحْسَبُهُ الْجِزْيَةَ فَقَالَ: إنِّي لَأَظُنُّكُمْ قَدْ أَهْلَكْتُمْ؟ قَالُوا وَاَللَّهِ مَا أَخَذْنَا إلَّا عَفْوًا صَفْوًا قَالَ بِلَا سَوْطٍ وَلَا نَوْطٍ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ عَلَى يَدَيَّ وَلَا فِي سُلْطَانِي ".

[فَصْلٌ يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ]

فَصْلٌ (وَيَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ) فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ (مَعَ الْجِزْيَةِ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُجَاهِدِينَ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى الرَّاعِي وَعَلْفِ دَوَابِّهِمْ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرَبَ عَلَى نَصَارَى أَيْلَةَ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةِ نَفْسٍ وَأَنْ يُضِيفُوا مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَضَى عَلَيْهِمْ ضِيَافَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَعَلْفَ دَوَابِّهِمْ، وَمَا يُصْلِحُهُمْ " وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ " أَنَّ عُمَرَ شَرَطَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ ضِيَافَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَأَنْ يُصْلِحُوا الْقَنَاطِرَ، وَإِنْ قُتِلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>