قَدْرًا وَاحِدًا) كَأَنْ يَقُولَا اعْمَلْ فِي هَذَا الْبُسْتَانِ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ نَصِيبِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَالِغًا مَا بَلَغَ (كَمَا لَوْ قَالَا: بِعْنَاكَ دَارَنَا هَذِهِ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَعْلَمْ) الْمُشْتَرِي (نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الدَّارَ كُلَّهَا مِنْهُمَا وَهُمَا يَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا.
(وَلَوْ سَاقَى وَاحِدٌ) عَلَى بُسْتَانٍ لَهُ (اثْنَيْنِ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِي النَّصِيبِ) بِأَنْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا السُّدُسَ وَلِلثَّانِي الثُّلُثَ صَحَّ (أَوْ سَاقَاهُ) أَيْ سَاقَى وَاحِدًا (عَلَى بُسْتَانِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى أَنَّ لَهُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى النِّصْفَ، وَفِي) السَّنَةِ (الثَّانِيَةِ الثُّلُثَ، وَفِي) السَّنَةِ (الثَّالِثَةِ الرُّبْعَ صَحَّ) ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الَّذِي لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَعْلُومٌ فَصَحَّ كَمَا لَوْ شَرَطَ لَهُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ قَدْرًا.
(وَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ إلَّا عَلَى شَجَرٍ مَعْلُومٍ) لِلْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (بِالرُّؤْيَةِ أَوْ الصِّفَةِ الَّتِي لَا يَخْتَلِفُ) الشَّجَرُ (مَعَهَا كَالْبَيْعِ) هَكَذَا فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا وَالْمُرَادُ كَمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِالْوَصْفِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِمَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (فَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانٍ لَمْ يَرَهُ، وَلَمْ يُوصَفْ لَهُ، أَوْ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْحَائِطَيْنِ لَمْ تَصِحَّ) الْمُسَاقَاةُ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِيهَا بِاخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ فَلَمْ تَجُزْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْبَيْعِ.
(وَتَصِحُّ) الْمُسَاقَاةُ (عَلَى الْبَعْلِ) الَّذِي يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ (كَالسَّقْيِ) الَّذِي يَحْتَاجُ لِسَقْيٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى الْمُعَامَلَةِ فِي ذَلِكَ، كَدُعَائِهَا إلَى الْمُعَامَلَةِ فِي غَيْرِهِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمُزَارَعَةِ.
[فَصْلٌ الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ عَقْدَانِ جَائِزَانِ]
فَصْلٌ (وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ عَقْدَانِ جَائِزَانِ) مِنْ الطَّرَفَيْنِ.
لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولٌ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا» وَلَوْ كَانَ لَازِمًا لَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ تَوْقِيتِ مُدَّةٍ، وَلَا أَنْ يَجْعَلَ الْخِيَرَةَ إلَيْهِ فِي مُدَّةِ إقْرَارِهِمْ؛ وَلِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى جُزْءٍ مِنْ نَمَاءِ الْمَالِ فَكَانَتْ جَائِزَةً كَالْمُضَارَبَةِ (يَبْطُلَانِ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ الْوَكَالَةُ) مِنْ مَوْتٍ وَجُنُونٍ، وَحَجْرٍ لِسَفَهٍ، وَعَزْلٍ (وَلَا يَفْتَقِرَانِ إلَى الْقَبُولِ لَفْظًا) بَلْ يَكْفِي الشُّرُوعُ فِي الْعَمَلِ قَبُولًا كَالْوَكِيلِ.
(وَلَا) يَفْتَقِرَانِ (إلَى ضَرْبِ مُدَّةٍ يَحْصُلُ الْكَمَالُ فِيهَا) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَضْرِبْ لِأَهْلِ خَيْبَرَ مُدَّةً وَلَا خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا) أَيْ الْمُسَاقَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute