[فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ لِلْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ]
(فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ لِلْقَطْعِ) فِي السَّرِقَةِ (انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» (وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَالْأَبِ) لِأَنَّ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ تَمْنَعُ شَهَادَةَ أَحَدِهِمْ لِلْآخَرِ فَلَمْ يُقْطَعْ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ كَالْأَبِ بِسَرِقَةِ مَالِ ابْنِهِ.
(وَلَا) قَطْعَ (بِسَرِقَةِ) وَلَدٍ (مَالَ وَالِدِهِ وَإِنْ عَلَا) لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ لِلْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ فِي مَالِ وَالِدِهِ حِفْظًا لَهُ فَلَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ لِحِفْظِهِ مَالَهُ (وَيُقْطَعُ سَائِرُ) أَيْ بَاقِي (الْأَقَارِبِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ أَقَارِبِهِمْ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَمَنْ عَدَاهُمْ) كَالْأَعْمَامِ وَالْأَخْوَالِ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ هُنَا لَا تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا تَمْنَعُ الْقَطْعَ وَلِأَنَّ الْآيَةَ وَالْأَخْبَارَ تَعُمُّ كُلَّ سَارِقٍ خَرَجَ مِنْهُ عَمُودُ النَّسَبِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُمَا عَلَى الْأَصْلِ (وَلَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ بِسَرِقَةِ مَالِ سَيِّدِهِ) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ: " أَنَّهُ جَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيُّ بِغُلَامٍ لَهُ فَقَالَ: إنَّ غُلَامِي قَدْ سَرَقَ فَاقْطَعْ يَدَهُ: فَقَالَ عُمَرُ: خَادِمُكُمْ أَخَذَ مَالَكُمْ " وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ " لَا أَقْطَعُ، مَالُكَ سَرَقَ مَالَكَ ".
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الْخُمُسِ سَرَقَ مِنْ الْخُمُسِ فَرُفِعَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَقْطَعْهُ وَقَالَ: مَالُ اللَّهِ سَرَقَ بَعْضُهُ بَعْضًا» (وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمَكَاتِبِ كَالْقِنِّ) فِي عَدَمِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُمْ مُلْكُهُ كَالْقِنِّ (وَلَا سَيِّدُ الْمَكَاتِبِ بِسَرِقَةِ مَالِهِ) لِلشُّبْهَةِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ فِي الْجُمْلَةِ (وَكُلُّ مَنْ لَا يُقْطَعُ الْإِنْسَانُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ لَا يُقْطَعُ عَبْدُهُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ كَآبَائِهِ وَأَوْلَادِهِ وَغَيْرِهِمْ) كَزَوْجَاتِهِ فَلَا يُقْطَعُ عَبْدٌ بِسَرِقَةِ مَالِ أَحَدٍ مِنْ عَمُودَيْ نَسَبِ سَيِّدِهِ وَلَا مِنْ مَالِ زَوْجِ سَيِّدَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ (وَلَا) يُقْطَعُ (مُسْلِمٌ بِسَرِقَتِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِقَوْلِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ: " مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا مَا مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ عَلِيٍّ " لَيْسَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَطْعٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute