(أَوْ الْغُرُوبِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَكَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأَخَوَيْنِ (بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ وَرِثَ الَّذِي مَاتَ بِالْمَغْرِبِ مِنْ الَّذِي مَاتَ بِالْمَشْرِقِ) حَيْثُ، لَا حَاجِبَ وَلَا مَانِعَ (لِمَوْتِهِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الشَّمْسَ وَغَيْرَهَا تَزُولُ وَتَطْلُعُ وَتَغْرُبُ فِي الْمَشْرِقِ قَبْلَ) زَوَالِهَا وَطُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا فِي الْمَغْرِبِ قُلْتُ: وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَظْهَرُ بِالْمَشْرِقِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَإِلَّا فَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّ الزَّوَالَ فِي الدُّنْيَا وَاحِدٌ وَهَذَا وَاضِحٌ.
[بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ]
(بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ) ، جَمْعُ مِلَّةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران: ١٩] وَقَالَ {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣] وَاخْتِلَافُ الدِّينِ مِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ فَ (لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ الْكَافِرُ) لِحَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا «لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(إلَّا بِالْوَلَاءِ) فَيَرِثُ الْمُسْلِمُ عَتِيقَهُ الْكَافِرَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ جَابِرٍ، لِأَنَّ وَلَاءَهُ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ الرِّقِّ، فَوَرِثَهُ بِهِ كَمَا يَرِثُهُ قَبْلَ الْعِتْقِ (وَلَا) يَرِثُ (الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ إلَّا بِالْوَلَاءِ) فَيَرِثُ الْكَافِرُ عَتِيقَهُ الْمُسْلِمَ بِالْوَلَاءِ قِيَاسًا عَلَى عَكْسِهِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ يُسْلِمَ) الْكَافِرُ (قَبْلَ قَسْمِ مِيرَاثِ قَرِيبٍ مُسْلِمٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ» رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَإِنَّهُ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ» .
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ زَيْدِ بْنِ قَتَادَةَ الْعَنْبَرِيِّ " أَنَّ إنْسَانًا مِنْ أَهْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute