[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاة إلَّا بِنِيَّةِ]
فَصْلٌ وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِنِيَّةٍ لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (مِنْ مُكَلَّفٍ) لَا صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ (وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ يَنْوِي عَنْهُ وَلِيُّهُ) لِقِيَامِهِ مُقَامَهُ (فَيَنْوِي الزَّكَاةَ، أَوْ الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ، أَوْ صَدَقَةَ الْمَالِ أَوْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَلَوْ لَمْ يَنْوِ) لَمْ يُجْزِئْهُ مَا أَخْرَجَهُ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ لِأَنَّ صَرْفَ الْمَالِ إلَى الْفَقِيرِ لَهُ جِهَاتٌ مِنْ زَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ، وَنَذْرٍ وَصَدَقَةِ تَطَوُّعٍ وَلَا قَرِينَةَ تُعَيَّنُ، فَاعْتُبِرَتْ نِيَّةُ التَّمْيِيزِ (أَوْ نَوَى صَدَقَةً مُطْلَقَةً؟ لَمْ يَجُزْ) مَا أَخْرَجَهُ (عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، حَتَّى وَلَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ الْمَالِ) كَمَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ وَأَطْلَقَ وَ (كَصَدَقَتِهِ بِغَيْرِ النِّصَابِ مِنْ جِنْسِهِ وَالْأَوْلَى: مُقَارَنَتُهَا) أَيْ النِّيَّةِ (لِلدَّفْعِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ.
(وَتَجُوزُ) النِّيَّةُ (قَبْلَهُ) أَيْ الْإِخْرَاجِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ (كَصَلَاةٍ وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْفَرْضِ) اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ، لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا.
(وَلَا) يُعْتَبَرُ (تَعْيِينُ الْمَالِ الْمُزَكَّى عَنْهُ) لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ (فَلَوْ كَانَ لَهُ مَالَانِ غَائِبٌ وَحَاضِرٌ فَنَوَى زَكَاةَ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ) وَأَدَّاهَا (أَجْزَأَ) مَا دَفَعَهُ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ (بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ لَهُ أَرْبَعِينَ دِينَارًا، إذَا أَخْرَجَ نِصْفَ دِينَارٍ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْأَرْبَعِينَ (صَحَّ، وَوَقَعَ) الْإِخْرَاجُ (عَنْ عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْهَا غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ) فَيُخْرِجُ نِصْفَ دِينَارٍ عَنْ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ.
(وَلَوْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَأَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ، فَقَالَ: هَذِهِ الشَّاةُ عَنْ الْإِبِلِ، أَوْ الْغَنَمِ أَجْزَأَتْهُ عَنْ أَحَدِهِمَا) وَيُخْرِجُ شَاةً أُخْرَى عَنْ الْآخَرِ (وَلَوْ) أَخْرَجَ قَدْرَ زَكَاةِ أَحَدِ مَالَيْهِ، وَ (نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَعَنْ الْحَاضِرِ أَجْزَأَ) الْمُخْرَجُ (عَنْهُ) أَيْ الْحَاضِرُ (إنْ كَانَ الْغَائِبُ تَالِفًا) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِيهَا فَإِنْ كَانَا سَالِمَيْنِ أَجْزَأَهُ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.
(وَلَوْ نَوَى أَنَّ هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي، إنْ كَانَ سَالِمًا وَإِلَّا فَهُوَ تَطَوُّعٌ، مَعَ شَكٍّ فِي سَلَامَتِهِ، فَبَانَ سَالِمًا، أَجْزَأَتْ) .
وَكَذَا إنْ نَوَى عَنْ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا، لِأَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ الْإِطْلَاقِ، فَلَا يَضُرُّ تَقْيِيدُهُ بِهِ (وَلَوْ نَوَى عَنْ الْغَائِبِ فَبَانَ تَالِفًا لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَهُوَ لَمْ يَنْوِ غَيْرَ الْغَائِبِ (فَإِنْ قَالَ: هَذَا زَكَاةُ مَالِي أَوْ نَفْلٍ) لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلِص النِّيَّةَ لِلزَّكَاةِ (أَوْ قَالَ: هَذَا زَكَاةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute