فَالطَّرِيقُ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا فَعَلَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بِتَعْزِيرِ مَنْ يَعْقِدُ نِكَاحًا فَاسِدًا، كَمَا فَعَلَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَفِيمَنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ) .
(وَلَا يَجُوز وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَحْكُمَ) الْقَاضِي (لِنَفْسِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لَهَا، وَيَتَحَاكَمَ هُوَ وَخَصْمُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ أَوْ بَعْضِ خُلَفَائِهِ، لِأَنَّ عُمَرَ حَاكَمَ أُبَيًّا إلَى زَيْدٍ وَحَاكَمَ عُثْمَانُ طَلْحَةَ إلَى جُبَيْرٍ.
(وَ) لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ (لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ) ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا، كَشَهَادَتِهِ لَهُ (وَلَهُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ كَأَبِيهِ وَوَلَدِهِ كَشَهَادَتِهِ عَلَيْهِ، (وَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بَعْضُ خُلَفَائِهِ) لِزَوَالِ التُّهْمَةِ.
(وَيَجُوزُ) لِلْقَاضِي (أَنْ يَسْتَحْلِفَ وَالِدَهُ وَوَلَدَهُ كَحُكْمِهِ لِغَيْرِهِ بِشَهَادَتِهِمَا) قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ عَلَيْهِمَا مِنْ ذَلِكَ تُهْمَةٌ وَلَمْ يُوجِبْ لَهُمَا بِقَبُولِ شَهَادَتِهِمَا رِيبَةً وَلَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ التَّزْكِيَةِ.
(وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى عَدُوِّهِ) كَشَهَادَتِهِ عَلَيْهِ (وَلَهُ أَنْ يُفْتِيَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى عَدُوِّهِ وَتَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَحْبُوسِينَ]
فَصْلٌ (وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَحْبُوسِينَ) لِأَنَّ الْحَبْسَ عَذَابٌ وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِمْ مِنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْبَقَاءَ فِيهِ فَاسْتُحِبَّتْ الْبَدَاءَةُ فِيهِمْ (فَيُنْفِذُ) أَيْ يَبْعَثُ (ثِقَةً يَكْتُبُ اسْمَ كُلِّ مَحْبُوسٍ وَمَنْ حَبَسَهُ وَفِيمَ حُبِسَ فِي) رُقْعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ (لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ إلَى مَعْرِفَةِ الْحَالِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَلِئَلَّا يَتَكَرَّرَ بِكِتَابَتِهِ فِي رُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ النَّظَرُ فِي حَالِ الْأَوَّلِ مِنْهَا فَالْأَوَّلُ بَلْ يُخْرِجُ وَاحِدًا مِنْهَا بِحَسَبِ الِاتِّفَاق) كَالْقُرْعَةِ (وَيَأْمُر مُنَادِيًا يُنَادِي فِي الْبَلَدِ أَنَّ الْقَاضِي يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِينَ يَوْمَ كَذَا فَمَنْ لَهُ خَصْمٌ مِنْهُمْ فَلْيَحْضُرْ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِعْلَامِ بِيَوْمِ جُلُوسِ الْقَاضِي لَهُمْ.
وَفِي الشَّرْحِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي الْبَلَد بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (فَإِذَا حَضَرُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَنَاوَلَ) الْقَاضِي (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الرِّقَاعِ الَّتِي كَتَبَ بِهَا أَسْمَاءَهُمْ (رُقْعَةً) بِحَسَبِ الِاتِّفَاق كَمَا تَقَدَّمَ (وَقَالَ مَنْ خَصْمُ فُلَانٍ الْمَحْبُوسِ؟) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْحُكْمُ إلَّا بِذَلِكَ (فَإِنْ حَضَرَ لَهُ خَصْمٌ بَعَثَ ثِقَةً الْحَبْسَ فَأَخْرَجَ خَصْمَهُ وَحَضَرَ مَعَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ) فَيَنْظُرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لِذَلِكَ وَلِيَ (وَيَفْعَلُ) الْقَاضِي (ذَلِكَ فِي قَدْرِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَّسِعُ زَمَانُهُ لِلنَّظَرِ فِيهِ) مِنْ الْمَحْبُوسِينَ (فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَلَا يُخْرِجُ غَيْرُهُمْ) فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ (فَإِذَا حَضَرَ الْمَحْبُوسُ وَخَصْمُهُ لَمْ يَسْأَلْ خَصْمَهُ فِيمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute