[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط السَّلَم أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَجَلًا مَعْلُومًا]
فَصْلٌ الشَّرْطُ (الرَّابِعُ) لِلسَّلَمِ (أَنْ يَشْتَرِطَ) (الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَجَلًا مَعْلُومًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» فَأَمَرَ بِالْأَجَلِ كَمَا أَمَرَ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ (لَهُ) أَيْ الْأَجَلِ (وَقَعَ فِي الثَّمَنِ عَادَةً كَالشَّهْرِ) لِأَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِيَتَحَقَّقَ الرِّفْقُ الَّذِي شُرِعَ مِنْ أَجْلِهِ السَّلَمُ فَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْمُدَّةِ الَّتِي لَا وَقْعَ لَهَا فِي الثَّمَنِ (وَفِي الْكَافِي: أَوْ نِصْفِهِ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ النِّصْفِ.
وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَمَا قَارَبَ الشَّهْرَ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بِمِثْلٍ بِالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ أَقَلُّهُ شَهْرٌ.
(فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ) أَيْ قَدْرِ الْأَجَلِ بِأَنْ قَالَ الْمُسْلِمُ: إلَى شَهْرٍ مَثَلًا فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَلْ شَهْرَيْنِ فَقَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (مُضِيِّهِ) أَيْ الْأَجَلِ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (مَكَانِ التَّسْلِيمِ فَقَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْأَجَلِ وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مِنْ مُؤْنَةِ نَقْلِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُسْلِمُ وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ صِفَتِهِ، كَمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَقَوْلُ الْمُسْلِمِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْقَبْضِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
(وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي قَبْضِ الثَّمَنِ) الَّذِي وَقَعَ عَقْدُ الثَّمَنِ عَلَيْهِ (فَقَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْقَبْضِ (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَبْضِ السَّلَمِ.
(وَقَالَ أَحَدُهُمَا كَانَ) الْقَبْضُ (فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَقَالَ الْآخَرُ) بَلْ كَانَ الْقَبْضُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَذَاكَ يَدَّعِي الْفَسَادَ وَالظَّاهِرُ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ.
(فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِمَا ادَّعَيَاهُ) أَيْ أَقَامَ مُدَّعِي الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ بَيِّنَةً بِهِ، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً بِضِدِّ ذَلِكَ (قُدِّمَتْ أَيْضًا بَيِّنَتُهُ) أَيْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّهَا مُثْبَتَةٌ وَتِلْكَ نَافِيَةٌ وَلِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ حَالًا) لَمْ يَصِحَّ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
(أَوْ) أَسْلَمَ (مُطْلَقًا) أَيْ لَمْ يُعَيِّنْ أَجَلًا (لَمْ يَصِحَّ) السَّلَمُ لِمَا تَقَدَّمَ (إلَّا أَنْ يَقَعَ) الْعَقْدُ (بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَيَصِحُّ حَالًا وَيَكُونُ بَيْعًا بِالصِّفَةِ وَتَقَدَّمَ) فِي الْبَيْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute