«وَلْيَعْتَزِلْ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى» (لَا مُصَلَّى الْجَنَائِزِ) فَلَيْسَ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجَنَائِز لَيْسَتْ ذَاتَ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْعِيدِ (إلَّا أَنْ يَتَوَضَّئُوا) أَيْ: الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إذَا انْقَطَعَ دَمُهُمَا فَيَجُوزُ لَهُمَا اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْأَثْرَمُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمْ مُجْنِبُونَ إذَا تَوَضَّئُوا وُضُوءَ الصَّلَاةِ.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ يُخَفِّفُ حَدَثَهُ فَيَزُولُ بَعْضُ مَا يَمْنَعُهُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ حَيْثُ يَنَامُ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ النَّوْمُ الْكَثِيرُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَذَلِكَ الْوُضُوءُ الَّذِي يَرْفَعُ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ وَوُضُوءُ الْجُنُبِ لِتَخْفِيفِ الْجَنَابَةِ، وَإِلَّا فَهَذَا الْوُضُوءُ لَا يُبِيحُ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ: مِنْ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
(فَلَوْ تَعَذَّرَ) الْوُضُوءُ عَلَى الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ (وَاحْتِيجَ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ لِخَوْفِ ضَرَرٍ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ (جَازَ) لَهُ اللُّبْثُ فِيهِ (مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ نَصًّا) وَاحْتَجَّ بِأَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَهُمْ الْمَسْجِدَ.
(وَ) اللُّبْثُ (بِهِ) أَيْ: بِالتَّيَمُّمِ (أَوْلَى) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَيَتَيَمَّمُ) الْجُنُبُ وَنَحْوُهُ (لِأَجْلِ لُبْثِهِ فِيهِ لَغُسْلٍ) إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ عَاجِلًا، قَالَ ابْنُ قُنْدُسٍ: وَاحْتَاجَ إلَى اللُّبْثِ فِيهِ وَرَدَّهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى بِأَنَّهُ إذَا احْتَاجَ لِلُّبْثِ فِيهِ جَازَ بِلَا تَيَمُّمٍ قَالَ وَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ (وَلِمُسْتَحَاضَةٍ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ عُبُورُهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (وَاللُّبْثُ فِيهِ مَعَ أَمْنِ تَلْوِيثِهِ) بِالنَّجَاسَةِ، لَحَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَتْ مَعَهُ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، وَرُبَّمَا وَضَعَتْ الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَمَعَ خَوْفِهِ) أَيْ خَوْفِ تَلْوِيثِهِ (يُحَرَّمَانِ) أَيْ الْعُبُورُ وَاللُّبْثُ لِوُجُوبِ صَوْنِ الْمَسْجِدِ عَمَّا يُنَجِّسُهُ (وَلَا يُكْرَهُ لِجُنُبٍ وَنَحْوِهِ) كَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ (إزَالَةُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ قَبْلَ غُسْلِهِ) كَالْمُحْدِثِ.
[فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ]
ِ وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ وَفِي صِفَةِ الْغُسْلِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (يُسَنُّ الْغُسْلُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute