عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» وَقَوْلِهِ «مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَقَوْلُهُ: وَاجِبٌ مَعْنَاهُ مُتَأَكِّدُ الِاسْتِحْبَابِ، كَمَا تَقُولُ: حَقُّكَ وَاجِبٌ عَلَيَّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ إلَى الْحَسَنِ وَاخْتُلِفَ فِي سَمَاعِهِ مِنْ سَمُرَةَ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ لَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ مِنْهُ.
وَيُعَضِّدُهُ أَنَّ عُثْمَانَ أَتَى الْجُمُعَةَ بِغَيْرِ غُسْلٍ (لِحَاضِرِهَا) أَيْ: الْجُمُعَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ (فِي يَوْمِهَا) أَيْ: يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَأَوَّلُهُ: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَلَا يُجْزِئُ الِاغْتِسَالُ قَبْلَهُ (إنْ صَلَّاهَا) أَيْ: الْجُمُعَةَ وَلَوْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ لِعُمُومِ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ وَ (لَا) يُسْتَحَبُّ غُسْلُ الْجُمُعَةِ (لِامْرَأَةٍ نَصًّا) لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَتَى مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» .
(وَالْأَفْضَلُ) أَنْ يَغْتَسِلَ (عِنْدَ مُضِيِّهِ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى الْجُمُعَةِ؛؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْمَقْصُودِ وَأَنْ يَكُونَ (عَنْ جِمَاعٍ) لِلْخَبَرِ الْآتِي فِي بَابِ الْجُمُعَةِ (فَإِنْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ) حَدَثًا أَصْغَرَ (أَجْزَأَهُ الْغُسْلُ) الْمُتَقَدِّمُ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يُبْطِلُهُ (وَكَفَاهُ الْوُضُوءُ) لِحَدَثِهِ (وَهُوَ) أَيْ: غُسْلُ الْجُمُعَةِ (آكَدُ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ آكَدُ الْأَغْسَالِ ثُمَّ بَعْدَهُ الْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ.
(وَ) يُسَنُّ الْغُسْلُ أَيْضًا لِصَلَاةِ (عِيدٍ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ لِذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَفِيهِمَا ضَعْفٌ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ شُرِعَتْ لَهَا الْجَمَاعَةُ أَشْبَهَتْ الْجُمُعَةَ (فِي يَوْمِهَا) أَيْ: الْعِيدِ فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ زَمَنَ الْعِيدِ أَضْيَقُ مِنْ الْجُمُعَةِ (لِحَاضِرِهَا) أَيْ: الْعِيدِ (إنْ) صَلَّى الْعِيدَ (وَلَوْ) صَلَّى (وَحْدَهُ إنْ صَحَّتْ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فِيهَا) بِأَنْ صَلَّى بَعْدَ صَلَاةِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ.
وَفِي التَّلْخِيصِ: إنْ حَضَرَ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ، وَمِثْلُهُ الزِّينَةُ وَالطِّيبُ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ الزِّينَةِ، بِخِلَافِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute