وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ كُلُّ مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ قَتَلَهُ فَإِنَّمَا هُوَ قَتَلَهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ حِلُّهُ لِحِلِّ فِعْلِهِ انْتَهَى وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُنْتَهَى يَقْتَضِي أَنَّهُ مَيْتَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ وَمُذَكَّى فِي حَقِّ الْمُضْطَرِّ فَيَكُونُ نَجِسًا طَاهِرًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ (وَيُقَدِّمُ) الْمُحْرِمُ الْمُضْطَرُّ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الصَّيْدِ (الْمَيْتَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا جَزَاءَ فِيهَا) (وَيَأْتِي فِي) كِتَابِ (الْأَطْعِمَةِ وَإِنْ احْتَاجَ) الْمُحْرِمُ (إلَى فِعْلِ مَحْظُورٍ فَلَهُ فِعْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفِدَاءُ) ؛ لِأَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ لَمَّا احْتَاجَ إلَى الْحَلْقِ أَبَاحَهُ الشَّارِعُ لَهُ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُ؛ وَلِأَنَّ أَكْلَ الصَّيْدِ إتْلَافٌ فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ اضْطَرَّهُ إلَى طَعَامِ غَيْرِهِ.
[فَصْلٌ عَقْدُ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ]
فَصْلٌ (السَّابِعُ عَقْدُ النِّكَاحِ فَلَا يَتَزَوَّجُ) الْمُحْرِمُ (وَلَا يُزَوِّجُ غَيْرَهُ بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ وَلَا يَقْبَلُ لَهُ) أَيْ: لِلْمُحْرِمِ (النِّكَاحُ وَكِيلُهُ الْحَلَالُ وَلَا تَزَوُّجُ الْمُحْرِمَةِ وَالنِّكَاحُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَاطِلٌ تَعَمَّدَهُ أَوْ لَا) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ وَلَا يَخْطُبُ» وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَرَفَعَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَجَازَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ لِرِوَايَتِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ " وَهُمَا مُحْرِمَانِ "؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَمْلِكُ بِهِ الِاسْتِمْتَاعَ فَلَمْ يُحَرِّمْهُ الْإِحْرَامُ كَشِرَاءِ الْإِمَاءِ.
وَجَوَابُهُ مَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ» قَالَ وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَبِي دَاوُد «وَتَزَوَّجَنِي وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفٍ» وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا وَبَنَى بِهَا حَلَالًا وَكُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا» إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهِمَ وَقَالَ أَيْضًا: أَوْهَمَ رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ أَيْ: ذَهَبَ وَهْمُهُ إلَى ذَلِكَ وَلِلْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُد هَذَا الْمَعْنَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ خَطَأٌ وَكَذَا نَقَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute