[فَصْلٌ فِي الْمُصَارَفَةِ وَهِيَ بَيْعُ نَقْدٍ بِنَقْدٍ]
(فَصْلٌ فِي الْمُصَارَفَةِ وَهِيَ بَيْعُ نَقْدٍ بِنَقْدٍ) اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِصَرِيفِهِمَا وَهُوَ تَصْوِيتُهُمَا فِي الْمِيزَانِ وَقِيلَ: لِانْصِرَافِهِمَا أَيْ الْمُتَصَارِفَيْنِ عَنْ مُقْتَضَى الْبِيَاعَاتِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ التَّفَرُّقِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَنَحْوِهِ (وَالْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ) أَيْ الصَّرْفِ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعَ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ» (فَإِنْ طَالَ الْمَجْلِسُ) قَبْلَ الْقَبْضِ وَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ (أَوْ) تَصَارَفَا ثُمَّ (تَمَاشَيَا مُصْطَحِبَيْنِ إلَى مَنْزِلِ أَحَدِهِمَا) فَتَقَابَضَا (أَوْ) تَمَاشَيَا (إلَى الصَّرَّافِ فَتَقَابَضَا عِنْدَهُ جَازَ) أَيْ صَحَّ الصَّرْفُ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ هُنَا كَمَجْلِسِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا يَبْطُلُ الصَّرْفُ بِتَخَابُرٍ فِيهِ وَقِيَاسُهُ سَلَمُ وَبَيْعُ نَحْوَ مُدِّ بُرٍّ بِمِثْلِهِ أَوْ بِشَعِيرٍ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ دُونَ الشَّرْطِ، كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.
(وَيَجُوزُ) الصَّرْفُ (فِي الذِّمَمِ بِالصِّفَةِ) كَصَارَفْتُكَ دِينَارًا بِعَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَصِفُ ذَلِكَ إنْ تَعَدَّدَتْ النُّقُودُ وَإِلَّا لَمْ يُحْتَجْ لِوَصْفِهِ وَيَنْصَرِفُ لِنَقْدِ الْبَلَدِ وَيَكْفِي الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً (لِأَنَّ الْمَجْلِسَ كَحَالَةِ الْعَقْدِ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ» (فَمَتَى افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ بَطَلَ الْعَقْدُ لِمَا سَبَقَ (أَوْ افْتَرَقَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ (عَنْ مَجْلِسِ) عَقْدِ (السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِ) الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (رَأْسُ مَالِهِ) أَيْ السَّلَمِ (بَطَلَ الْعَقْدُ) لِمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ.
(وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ (ثُمَّ افْتَرَقَا كَفُرْقَةِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ) قَبْلَ تَقَابُضِ الْبَاقِي (بَطَلَ) الْعَقْدُ (فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ فَقَطْ) لِفَوَاتِ شَرْطِهِ.
(وَلَوْ وَكَّلَ الْمُتَصَارِفَانِ) مَنْ يَقْبِضُ لَهُمَا (أَوْ) وَكَّلَ (أَحَدُهُمَا مَنْ يَقْبِضُ لَهُ فَتَقَابَضَ الْوَكِيلَانِ) أَوْ تَقَابَضَ أَحَدُ الْمُتَصَارِفَيْنِ وَوَكِيلُ الْآخَرِ (قَبْلَ تَفَرُّقِ الْمُوَكِّلَيْنِ) أَوْ قَبْلَ تَفَرُّقِ الْمُوَكِّلِ وَالْعَاقِدِ الثَّانِي الَّذِي لَمْ يُوَكِّلْ (جَازَ) الْعَقْدُ، أَيْ صَحَّ لِأَنَّ قَبْضَ الْوَكِيلِ كَقَبْضِ مُوَكِّلِهِ.
(وَإِنْ تَفَرَّقَا) أَيْ الْمُوَكِّلَانِ أَوْ الْمُوَكِّلُ وَالْعَاقِدُ الثَّانِي (قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الصَّرْفُ، افْتَرَقَ الْوَكِيلَانِ أَوْ لَا) لِتَعَلُّقِ الْقَبْضِ بِالْعَقْدِ وَلَوْ تَفَرَّقَ الْوَكِيلَانِ ثُمَّ عَادَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute