[فَصْلٌ وَمَنْ أَخَذَ طَعَامَ إنْسَانٍ أَوْ شَرَابَهُ فِي بَرِّيَّةٍ]
(فَصْلٌ وَمَنْ أَخَذَ طَعَامَ إنْسَانٍ أَوْ شَرَابَهُ فِي بَرِّيَّةٍ أَوْ مَكَان لَا يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ أَوْ أَخَذَ دَابَّتَهُ) وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَاجِزٌ عَنْ دَفْعِ الْآخِذِ (فَهَلَكَ) الْمَأْخُوذُ طَعَامُهُ أَوْ شَرَابُهُ أَوْ دَابَّتُهُ (بِذَلِكَ أَوْ هَلَكَتْ بَهِيمَتُهُ) بِأَخَذِ طَعَامَهَا أَوْ شَرَابَهَا (فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ أَخْذِهِ لِتَسَبُّبِهِ فِي هَلَاكِهِ (وَمِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ لَوْ أَخَذَ مِنْهُ قَوْسًا يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ ضَرْبًا ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ) وَكَذَا كُلُّ مَا يَدْفَعُ بِهِ صَائِلًا عَلَيْهِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَسَبُّبِهِ فِي هَلَاكِهِ بِأَخْذِهِ مِنْهُ.
(وَإِنْ اُضْطُرَّ) إنْسَانٌ (إلَى طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ لِغَيْرِ مُضْطَرٍّ فَطَلَبَهُ مِنْهُ فَمَنَعَهُ إيَّاهُ فَمَاتَ بِذَلِكَ ضَمِنَهُ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ) رُوِيَ " أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَهْلَ أَبْيَاتٍ فَاسْتَسْقَاهُمْ فَلَمْ يَسْقُوهُ حَتَّى مَاتَ فَأَغْرَمَهُمْ عُمَرُ الدِّيَةَ " حَكَاهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَقَالَ: أَقُولُ بِهِ قَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ مَسَائِلِهِ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ -: وَلِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إلَى هَلَاكِهِ بِمَنْعِهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ فَضَمِنَهُ (بِدِيَتِهِ فِي مَالِهِ) كَمَا لَوْ مَنَعَهُ طَعَامَهُ حَتَّى هَلَكَ وَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ لِأَنَّ مَانِعَ الطَّعَامِ تَعَمَّدَ الْفِعْلَ الَّذِي يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا وَقَالَ الْقَاضِي هُوَ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّهُ قَتْلٌ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ (وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ) الْمُضْطَرُّ أَيْ الطَّعَامَ أَوْ الشَّرَابَ (مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ) فَلَمْ يَتَسَبَّبْ إلَى هَلَاكِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ أَوْ الشَّرَابِ مُضْطَرًّا وَطَلَبَهُ مِنْهُ وَمَنَعَهُ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْله إذَنْ وَكَذَا إذَا خَافَ أَنْ يُضْطَرَّ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ.
(وَمَنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءَ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ) كَحَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ (مِنْ هَلَكَةِ كَمَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ سَبُعٍ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ إلَى هَلَاكِهِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا.
(وَمَنْ أَفْزَعَ إنْسَانًا أَوْ ضَرَبَهُ فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَنَصَّ) أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ (أَوْ رِيحٍ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَتِهِ إنْ لَمْ يَدُمْ) الْحَدَثُ لِمَا رُوِيَ " أَنَّ عُثْمَانَ قَضَى فِيمَنْ ضَرَبَ إنْسَانًا حَتَّى أَحْدَثَ بِثُلُثِ الدِّيَةِ " قَالَ أَحْمَدُ لَا أَعْرِفُ شَيْئًا يَدْفَعهُ وَقَضَاءُ الصَّحَابِيِّ بِمَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَوْقِيفٌ (فَإِنْ دَامَ) الْحَدَثُ (فَيَأْتِي فِي دِيَةِ الْأَعْضَاءِ) وَمَنَافِعهَا (وَلَوْ مَاتَ مِنْ الْإِفْزَاعِ فَعَلَى الَّذِي أَفْزَعَهُ الضَّمَانُ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ بِشَرْطِهِ) الْآتِي فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ أَنَّ فِيهِ دِيَةً.
(وَإِذَا أَكْرَهَ) إنْسَانٌ (رَجُلًا) أَوْ امْرَأَةً (عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute