للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابٌ الرِّبَا وَالصَّرْفُ وَتَحْرِيمُ الْحِيَلِ]

(الرِّبَا) مَقْصُورٌ، يُكْتَبُ بِالْأَلِفِ وَالْوَاوِ وَالْيَاءِ وَهُوَ لُغَةً، الزِّيَادَةُ قَالَ تَعَالَى {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [فصلت: ٣٩] (١) " أَيْ عَلَتْ وَارْتَفَعَتْ وَقَالَ تَعَالَى {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} [النحل: ٩٢] أَيْ أَكْثَرَ عَدَدًا وَهُوَ (مُحَرَّمُ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] (٣) (وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ) لِعَدِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ فِي السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ إبَاحَةُ رَبَا الْفَضْلِ لِحَدِيثِ «لَا رِبَا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْهُ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَقَالَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسَيْنِ.

(وَهُوَ) شَرْعًا (تَفَاضُلٌ فِي أَشْيَاءَ) كَمَكِيلٍ بِجِنْسِهِ، أَوْ مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ (وَنَسْءٌ فِي أَشْيَاءَ) كَمَكِيلٍ بِمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ بِمَوْزُونٍ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ (مُخْتَصٌّ بِأَشْيَاءَ) وَهُوَ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهَا، أَيْ بِتَحْرِيمِ الرِّبَا فِيهَا (وَهُوَ) أَيْ الرِّبَا (نَوْعَانِ) .

أَحَدُهُمَا (رِبَا الْفَضْلِ وَ) الثَّانِي (رِبَا النَّسِيئَةِ فَأَمَّا رِبَا الْفَضْلِ) أَيْ الزِّيَادَةِ (فَيَحْرُمُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ) بِيعَ بِجِنْسِهِ.

(وَ) فِي كُلِّ (مَوْزُونٍ بِيعَ بِجِنْسِهِ) لِعَدَمِ التَّمَاثُلِ لِمَا رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بَيْدٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا حُرِّمَ الرِّبَا فِي هَذِهِ الْأَصْنَافِ السِّتَّةِ.

وَالْأَشْهَرُ عَنْ إمَامِنَا وَمُخْتَارُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ: أَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ، كَوْنُهُمَا مَوْزُونَيْ جِنْسٍ وَفِي الْأَعْيَانِ الْبَاقِيَةِ: كَوْنُهَا مَكِيلَاتِ جِنْسٍ فَيَجْرِي الرِّبَا فِي كُلِّ مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ (وَلَوْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>