لِأَنَّ بَقَاءَ عَدَالَةِ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ شَرْطٌ فِي الْحُكْمِ بِشَاهِدَيْ الْفَرْعِ فَكَذَلِكَ بَقَاءُ عَدَالَةِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ.
(وَإِنْ فَسَقَ) الْكَاتِبُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (لَمْ يَقْدَحْ فِيهِ) قَالَ: ابْنُ الْمُنَجَّا كَمَا لَوْ حَكَمَ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَسَقَ، وَقَالَ فِي الشَّرْحِ: كَمَا لَوْ حَكَمَ بِشَيْءٍ ثُمَّ بَانَ فِسْقُهُ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ مَا مَضَى مِنْ أَحْكَامِهِ فَكَذَا هُنَا.
(وَإِنْ تَغَيَّرَتْ حَالُ) الْقَاضِي (الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِمَوْتٍ أَوْ عَزْلٍ أَوْ فِسْقٍ فَعَلَى مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ الْكِتَابُ مِمَّنْ قَامَ مَقَامَهُ) بَلْ مِنْ سَائِرِ الْحُكَّامِ (الْعَمَلُ بِهِ اكْتِفَاءً بِالْبَيِّنَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى مَا حَفِظَهُ الشُّهُودُ وَتَحَمَّلُوهُ، وَمَنْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً وَشَهِدَ بِهَا وَجَبَ عَلَى كُلِّ قَاضٍ الْحُكْمُ بِهَا، (بِدَلِيلِ مَا لَوْ ضَاعَ الْكِتَابُ أَوْ انْمَحَى وَكَانَا يَحْفَظَانِ مَا فِيهِ أَيْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَا بِذَلِكَ وَلَوْ أَدَّيَاهُ بِالْمَعْنَى) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ دُونَ اللَّفْظِ (وَكَمَا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ حَكَمَ بِكَذَا لَزِمَهُ إنْفَاذُهُ) .
وَلَوْ شَهِدَ حَامِلَا الْكِتَابِ بِخِلَافِ مَا فِيهِ قَبِلَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ شَهَادَتَهُمَا اعْتِمَادًا عَلَى الْعِلْمِ بِمَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ الْكَاتِبُ عَلَى نَفْسِهِ (وَمَتَى قَدِمَ الْخَصْمُ الْمُثْبَتُ عَلَيْهِ بَلَدَ) الْحَاكِمِ (الْكَاتِبِ فَلَهُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ) إذَا سَأَلَهُ رَبُّ الْحَقِّ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ وَإِذَا حَكَمَ عَلَيْهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِمَا ثَبَتَ مِنْ الْحَقِّ عِنْد الْقَاضِي الْكَاتِبِ]
(فَصْلٌ وَإِذَا حَكَمَ عَلَيْهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ) بِمَا ثَبَتَ مِنْ الْحَقِّ عِنْدَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ (فَسَأَلَهُ) أَيْ سَأَلَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْحَاكِمَ عَلَيْهِ (أَنْ يَكْتُبَ لَهُ إلَى الْحَاكِمِ الْكَاتِبِ) كِتَابًا (إنَّكَ قَدْ حَكَمْتَ عَلَيَّ لَا يَحْكُمُ عَلَيَّ ثَانِيًا لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ) لِأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يَحْكُمُ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ أَوْ فِيمَا حَكَمَ بِهِ لِيُنَفِّذَهُ غَيْرُهُ وَكِلَاهُمَا مَفْقُودٌ هُنَا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ لِيَخْلُصَ مِمَّا خَافَهُ.
(وَإِنْ سَأَلَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ بِمَا جَرَى لِئَلَّا يَحْكُمَ عَلَيْهِ) الْقَاضِي (الْكَاتِبُ) لَزِمَهُ إجَابَتُهُ (أَوْ سَأَلَهُ) أَيْ الْحَاكِمَ (مَنْ ثَبَتَتْ بَرَاءَتُهُ مِثْلَ إنْ أَنْكَرَ وَحَلَّفَهُ أَوْ) سَأَلَ مَنْ (ثَبَتَ حَقُّهُ عِنْدَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمَا جَرَى مِنْ بَرَاءَةٍ أَوْ ثُبُوتٍ مُجَرَّدٍ) عَنْ حُكْمٍ (أَوْ مُتَّصِلٍ بِحُكْمٍ أَوْ تَنْفِيذٍ أَوْ الْحُكْمَ لَهُ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لَزِمَهُ إجَابَتُهُ) لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ عَلَى الْحَقِّ فَإِذَا طُولِبَ أَوْ طَالَبَ بِهِ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ حُجَّةٌ وَرُبَّمَا نَسِيَ الْقَاضِي أَوْ مَاتَ أَوْ يُطَالِبُهُ الْغَرِيمُ فِي صُورَةِ الْبَرَاءَةِ مَرَّةً أُخْرَى عِنْدَهُ إذَا نَسِيَ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute