أَيْ فِي كَوْنِهِ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ لِلشَّهَادَةِ أَوْ الْحُكْمِ (صَادَفَ مَا حَكَمَ بِهِ) الْحَاكِمُ (وَجَهِلَهُ) الْحَاكِمُ فَيَنْقُضُهُ إذَا كَانَ لَا يَرَى الْحُكْمَ مَعَهُ لِفَقْدِ شَرْطِهِ (خِلَافًا لِمَالِكٍ وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ) مُوَضَّحًا.
[بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]
(بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي) وَالْأَصْلُ فِي الْمُكَاتَبَةِ الْإِجْمَاعُ وَسَنَدُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: ٢٩] {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ} [النمل: ٣٠] الْآيَةَ وَكَتَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ وَمُلُوكِ الْأَطْرَافِ يَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ وَكَانَ يَكْتُبُ إلَى عُمَّالِهِ وَسُعَاتِهِ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَة إلَى قَبُولِهِ فَإِنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ لَا يُمْكِنُهُ إثْبَاتُهُ وَلَا مُطَالَبَتُهُ إلَّا بِكِتَابِ الْقَاضِي وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ قَبُولِهِ.
(لَا يُقْبَلُ) كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي (فِي حَدِّ اللَّهِ - تَعَالَى - كَزِنًا وَنَحْوِهِ) كَحَدِّ الشُّرْبِ وَكَالْعِبَادَاتِ لِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ - تَعَالَى - مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالسِّتْرِ وَالدَّرْءِ بِالشُّبُهَاتِ وَالسُّقُوطِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِهَا وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ فِيهَا الشَّهَادَةُ فَكَذَا كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي (وَيُقْبَلُ) كِتَابُ الْقَاضِي (فِي كُلِّ حَقٍّ آدَمِيٍّ مِنْ الْمَالِ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ كَالْقَرْضِ وَالْغَصْبِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالصُّلْحِ وَالْوَصِيَّةِ لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ مَثَلًا.
(وَ) الْوَصِيَّةِ (إلَيْهِ وَ) الْوَصِيَّةِ (فِي الْجِنَايَةِ وَالْقِصَاصِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ وَالنَّسَبِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّوْكِيلِ) فِي الْمَالِ وَغَيْرِهِ (وَحَدِ الْقَذْفِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ آدَمِيٌّ لَا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَلِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) وَهِيَ أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي لَا يُقْبَلُ إلَّا فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ.
(ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي) إلَى الْغَائِبِ (حُكْمُهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا) أَيْ كِتَابَتَهُ (شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ وَذَكَرُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ (فِيمَا إذَا تَغَيَّرَتْ حَالٌ لَهُ أَنَّهُ) أَيْ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ (أَصْلٌ وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ) بِكِتَابِهِ (فَرْعٌ فَلَا يَسُوغُ) لِقَاضٍ (نَقْضُ الْحُكْمِ) مِنْ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (بِإِنْكَارِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَلَا يَقْدَحُ) إنْكَارُهُ (فِي عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ يَمْنَعُ إنْكَارُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ كَمَا يَمْنَعُ رُجُوعَ شُهُودِ الْأَصْلِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute